و التعبير بكلمة (لك) تأكيد على رفعة ذكر النبيّ رغم كل عداء المعادين و موانع
الصّادين.
و قد ذكرنا أنّ هذه السّورة مكيّة، بينما الآية الكريمة تتحدث عن انتشار
الإسلام، و تجاوز عقبات الدعوة، و إزالة الأعباء التي كانت تثقل كاهل الرّسول صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم، و ارتفاع ذكر النّبي في الآفاق ... و هذا ما حدث في
المدينة لا في مكّة.
قيل: إنّ السّورة تبشّر النّبي بما سيلقاه في المستقبل، و كان ذلك سببا لزوال
الحزن و الهم من قلبه، و قيل أيضا: إنّ الفعل الماضي هنا يعني المستقبل.
و لكن الحق أنّ قسما من هذه الأمور قد تحقق في مكّة خاصّة في أواخر السنين
الثلاث عشرة الاولى من الدعوة قبل الهجرة، تغلغل الإيمان في قلوب كثير من النّاس و
خفّت وطأة المشاكل، و ذاع صيت النّبي في كلّ مكان، و تهيأت الأجواء لانتصارات أكبر
في المستقبل.
شاعر النّبي «حسان بن ثابت» ضمّن معنى الآية الكريمة في أبيات جميلة، و قال:
و ضمّ الإله اسم النّبي إلى اسمه
إذ قال في الخمس المؤذن أشهد
و شقّ له من اسمه ليجلّه
فذو العرش «محمود» و هذا «محمّد»
الآية التالية تبشّر النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأعظم بشرى، و تقول:
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً و يأتي التأكيد الآخر:
إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً لا تغتمّ أيّها النّبي، فالمشاكل و العقبات لا تبقى على هذه الحالة، و دسائس
الأعداء لن تستمر، و شظف العيش و فقر المسلمين سوف لا يظلّ على هذا المنوال.