مئوية في وسط النهار، و معها لا يبقى موجود حي نعرفه، على قيد الحياة، و في
وسط الليل تنخفض درجة الحرارة كثيرا تحت الصفر بحيث يتجمد حتما أي موجود حيّ لو
قدّر له أن يكون هناك.
و يلاحظ أن الأفعال المذكورة في الآيات السابقة وردت بصيغة الماضي بينما وردت
في هذه الآية بصيغة المضارع، و لعل هذا الاختلاف يشير إلى أنّ ظهور الليل و النهار
من الحوادث التي لا تختص بزمان معين، بل تشمل الماضي و الحاضر. من هنا كانت
الأفعال ماضية تارة و مضارعة اخرى لبيان عمومية هذه الحوادث في مجرى الزمان.
و في القسمين السادس و السابع تحلّق بنا الآية إلى السماوات و خالق السماوات: وَ السَّماءِ وَ ما بَناها.
أصل خلقة السماوات بما فيها من عظمة مدهشة من أعظم عجائب الخليقة.
و بناء كلّ هذه الكواكب و الأجرام السماوية و ما يحكمها من أنظمة أعجوبة اخرى
... و أهم من كلّ ذلك ... خالق هذه السماوات.
و يلاحظ في عبارة «وَ ما بَناها» أنّ «ما» تستعمل في العربية لغير العاقل، و لا يصح
استعمالها في موضع الحديث عن الباري العليم الحكيم سبحانه. و لذا ذهب بعض إلى
أنّها مصدرية لا موصولة، و بذلك يكون معنى الآية الكريمة: «و السماء و بنائها» غير
أنّ الآيات التالية: وَ نَفْسٍ وَ ما
سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها، لا يدع بما لا للشك أن «ما» موصولة، و تعود إلى اللّه سبحانه خالق السماوات،
و ورد في مواضع أخرى من القرآن الكريم استعمال «ما» للعاقل، كقوله سبحانه:
فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ.
من المفسّرين من قال إنّ «ما» استعملت هنا لتطرح مسألة المبدأ بشكل مبهم كي
يستطيع البشر بالدراسة و النظر أن يتوصلوا إلى علم بالمبدأ سبحانه و حكمته، ليتبدل
بعد ذلك «ما» إلى «من» أي من الشيء المجهول الذي يعبّر عنه ب «ما» إلى