ممّا لا شكّ فيه أنّ ثمود قوم قد وصلوا إلى أعلى درجات التمدن في زمانهم، و
لكنّ ما يذكر عنهم في بعض كتب التّفسير، يبدو و كأنّه مبالغ فيه أو اسطورة، كأن
يقولوا: إنّهم بنوا ألفا و سبعمائة مدينة من الحجر! و تتعرض الآية التالية لقوم
ثالث: وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ.
أي: ألم تر ما فعل ربّك بفرعون الظالم المقتدر؟! «أوتاد»: جمع (وتد)، و هو ما
يثبّت به.
و لم وصف فرعون بذي الأوتاد؟
و ثمّة تفاسير مختلفة:
الأوّل: لأنّه كان يملك جنودا و كتائبا كثيرة، و كانوا يعيشون في الخيم
المثبتة بالأوتاد.
الثّاني: لما كان يستعمل من أساليب تعذيب من يغضب عليهم، حيث غالبا ما كان يدق
على أيديهم و أرجلهم بأوتاد ليثبتها على الأرض، أو يضعهم على خشبة و يثبتهم
بالأوتاد، أو يدخل الأوتاد في أيديهم و أرجلهم و يتركهم هكذا حتى يموتوا.
و ورد هذا الكلام في رواية نقلت عن الإمام الصادق عليه السّلام [1].
و تنقل كتب التاريخ إنّه قد عذّب زوجته «آسية» بتلك الطريقة البشعة حتى الموت،
لأنّها آمنت بما جاء به موسى عليه السّلام و صدّقت به.
الثّالث: «ذي الأوتاد»: كناية عن قدرة و استقرار الحكم.
و لا تنافي فيما بين التفاسير الثلاثة، و يمكن إدخالها جميعها في معنى الآية.
و ينتقل القرآن العرض ما كانوا يقومون به من أعمال: الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ .. فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ
[1]- تفسير نور الثقلين، ج 5، ص 571،
الحديث (6)، كما نقله عن علل الشرائع.