أمّا في حالة
البيع، فكانوا يكيلون لبيع الجملة، و يزنون لبيع المفرد.
الثّاني:
إنّهم كانوا يفضلون استعمال المكيال عند الشراء، لصعوبة الغش فيه، و يستغلون
الميزان عند البيع لسهولة الغش فيه! و ممّا ينبغي الالتفات إليه .. إنّ الآيات و
إن تحدثت عن التطفيف في الكيل و الوزن، و لكن، لا ينبغي حصر مفهومها بهما،
فالتطفيف يشمل حتى العدد، و ليس من البعيد أن تكون الآيات قد أشارت إلى إنقاص ما
يؤدي من خدمة مقابل أجر، كما لو سرق العامل أو الموظف من وقت عمله، فإنّه و الحال
هذه سيكون في حظيرة «المطففين» المذمومين بشدّة في الآيات المباركة المذكورة.
و يتوسع
البعض في مفهوم الآية أكثر و أكثر حتى يجعل أيّ تجاوز لحدود اللّه، و أيّ إنقاص أو
إخلال في الروابط الاجتماعية أو انحلال في الضوابط الأخلاقية، إنّما هو مفردات و
مصاديق لهذا المفهوم.
و مع أنّ
ظاهر ألفاظ الآية لا يرمز إلى هذه المعاني، و لكنّها لا تخلو من مناسبة.
و لذا، فقد
ورد عن ابن عباس، أنّه قال: (الصلاة مكيال، فمن وفى، و فى اللّه له، و من طفف، قد
سمعتم ما قال اللّه في المطففين) [1].
و يهدد
القرآن الكريم المطففين، باستفهام توبيخي: أَ لا
يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ.