وجهه الشريف [1] فقد كان
العدو يريد في هذه اللحظة أن يقضي على رسول اللّه، و لكن «مصعب بن عمير» و هو من
حملة الرايات في الجيش الإسلامي ذب عنه حتّى قتل دون النبي، فتوهم العدو أن النبي
قد قتل، و لهذا صاح: إلّا أن محمّدا قد قتل، ليخبر الناس بذلك الأمر.
و قد كان لانتشار هذا الخبر أثره الإيجابي في معنويات الوثنيين بقدر ما ترك من
الأثر السيء في نفوس المسلمين حيث تزعزعت روحيتهم و زلزلوا زلزالا شديدا، فاضطرب
جمع كبير منهم كانوا يشكلون أغلبية الجيش الإسلامي، و أسرعوا في الخروج من ميدان
القتال، بل و فكر بعضهم أن يرتد عن الإسلام بمقتل النبي و يطلب الأمان من أقطاب
المشركين، بينما كان هناك أقلية من المسلمين مثل الإمام علي عليه السّلام و أبو
دجانة و طلحة و آخرون، يصرون على الثبات و المقاومة و يدعون الناس إليه.
فقد جاء أنس بن النضر إلى ذلك الفريق الذي كان يفكر في الفرار و قال لهم:
«يا قوم إن كان قد قتل محمّد فربّ
محمّد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم و
موتوا على ما مات عليه» ثمّ شد بسيفه و حمل على الكفّار و قاتل حتّى قتل، ثمّ لم
يمض وقت طويل حتّى تبين أن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم على قيد الحياة، و
تبين على أثره خطأ ذلك الخبر أو كذبه، فنزلت الآية الأولى- من الآيتين الحاضرتين-
توبخ الذين لاذوا بالفرار بشدة.
التّفسير
لا لعبادة الشخصية و تقديس الفرد:
تعلّم الآية الأولى من هاتين الآيتين حقيقة أخرى للمسلمين استلهاما من
[1]- و لقد جاء في بعض كتب التاريخ أن
هذه الإصابات لحقت بالنبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم من جراء هجمات أفراد عديدين
من العدو.