على رأس ثلاثمائة من اليهود عاد هو و جماعته إلى المدينة، لأن النبي عارض
بقاءهم في عسكر المسلمين، و قد تسبب هذا في أن تتراجع الطائفتان المذكورتان عن
الخروج مع النبي و تعزما على العودة إلى المدينة من منتصف الطريق.
و لكن يستفاد من ذيل الآية أن هاتين الطائفتين عدلتا عن هذا القرار، و استمرتا
في التعاون مع بقية المسلمين، و لهذا قال سبحانه وَ اللَّهُ وَلِيُّهُما وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ يعني أن اللّه ناصرهما فليس لهما أن تفشلا إذا
كانتا تتوكلان على اللّه بالإضافة إلى تأييده سبحانه للمؤمنين.
ثمّ لا بدّ من التنبيه إلى نقطة هامة و هي أن ذكر هذه المقاطع من غزوة «أحد»
بعد الآيات السابقة التي تحدثت عن لزوم عدم الوثوق بالكفّار، إشارة إلى نموذج واحد
من هذه الحقيقة، لأن النبي- كما أسلفنا و كما سيأتي تفصيله- لم يسمح ببقاء اليهود-
الذين تظاهروا بمساعدة المسلمين- فى المعسكر الإسلامي، لأنهم كانوا أجانب على كلّ
حال، و لا يمكن السماح لهم بأن يبقوا بين صفوف المسلمين فيطلعوا على أسرارهم في
تلك اللحظات الخطيرة، و أن يكونوا موضع اعتماد المسلمين في تلك المرحلة الحساسة.
غزوة أحد
سبب هذه الغزوة:
هنا لا بدّ من الإشارة- قبل أي شيء- إلى مجموعة الحوادث التي وقعت في هذه
الغزوة، فإنه يستفاد من الروايات و النصوص التاريخية الإسلامية، أن قريشا لما رجعت
من بدر إلى مكة و قد أصابهم ما أصابهم من القتل و الأسر، لأنه قتل منهم سبعون شخصا
و أسر سبعون شخصا، و قال أبو سفيان يا معشر قريش لا تدعوا