بل إنه يستفاد من هذه الآية أن الذنب عبارة عن نقص في الإيمان، و أنه بعد
التوبة يقوم الشخص التائب بتجديد الإيمان ليتطهر من هذا النقص.
هل تقبل توبة المرتد؟
يبدو من الآية أعلاه و من سبب نزولها أن قبول توبة المرتد (و هو الذي أسلم ثمّ
عاد عن إسلامه) يرتبط بنوع الارتداد. فثمّة «المرتدّ الفطري» و هو المرتد الذي ولد
من أبوين مسلمين، أو انعقدت نطفته حين كان أبواه مسلمين، ثمّ قبل الإسلام و عاد
عنه بعد ذلك. و هناك «المرتدّ الملّي» و هو الذي لم يولد من أبوين مسلمين.
توبة المرتدّ الملّي تقبل، و عقوبته في الواقع خفيفة لأنّه ليس مسلما بالمولد،
لكن حكم المرتدّ الفطري أشد. هذا المرتدّ- و إن قبلت توبته لدى اللّه سبحانه- يحكم
بالإعدام إن ثبت ارتداده. و توزّع أمواله على ورثته المسلمين، و تنفصل عنه زوجته،
و لا تحول توبته دون إنزال هذه العقوبة بحقّه.
لكن هذه الشدّة تخصّ- كما قلنا- المرتدّ الفطري، و بشرط أن يكون رجلا.
قد تعجّب بعضهم لهذا التشدّد، و ربّما اعتبر نوعا من الفظاظة القاسية البعيدة
عن الرحمة، الأمر الذي لا يتّسق مع روح الإسلام.
غير أنّ لهذا الحكم فلسفة أساسا، و هي حفظة الجبهة الداخلية في بلاد الإسلام
ضدّ نفوذ المنافقين و الأجانب، و للحيلولة دون تفكّكها و اضمحلالها إنّ الارتداد
ضرب من التمرّد على نظام البلد الإسلامي، و حكمه الإعدام في أنظمة الكثير من
قوانين العالم اليوم. إذ لو أجيز لمن يشاء أن يعتنق الإسلام متى شاء و أن يرتدّ
عنه متى شاء، لتحطّمت الجبهة الداخلية سريعا، و لانفتحت أبواب البلد أمام الأعداء
و عملائهم، و لساد المجتمع الإسلامي الهرج و المرج. و بناء على ذلك فإنّ هذا