ابن اللّه، أو النصارى الذين قالوا إن «المسيح» ابن اللّه، و أضفوا عليه طابعا
من الربوبية، فالآية تردّ هؤلاء جميعا و تقول إنّه لا يليق بالأنبياء أن يدعو
الناس إلى عبادة غير اللّه.
و في الختام تقول الآية أَ
يَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. أ يمكن أن يدعوكم النبيّ إلى الكفر بعد أن اخترتم الإسلام دينا؟
واضح أنّ «الإسلام» هنا يقصد به معناه الأوسع، كما هي الحال في مواضع كثيرة من
القرآن، و هو التسليم لأمر اللّه و الإيمان و التوحيد. أي كيف يمكن لنبيّ أن يدعو
الناس أوّلا إلى الإيمان و التوحيد، ثمّ يدلّهم على طريق الشرك؟ أو كيف يمكن لنبيّ
أن يهدم ما بناه الأنبياء في دعوتهم الناس إلى الإسلام. فيدعوهم إلى الكفر و
الشرك؟
تنوّه الآية ضمنيّا بعصمة الأنبياء و عدم انحرافهم عن مسير إطاعة اللّه [1].
ملاحظة
منع عبادة البشر:
تدين هذه الآيات بصراحة كلّ عبادة، و خاصّة عبادة البشر، سوى عبادة اللّه، و
تربّي في الإنسان روح الحرّية و استقلال الشخصية، تلك الروح التي لا يكون بدونها
جديرا بحمل اسم إنسان.
نعرف من خلال التاريخ العديد من الأشخاص الذين كانوا، قبل الوصول إلى السلطة،
يتميّزون بالبراءة و يدعون الناس إلى الحقّ و العدالة و الحرّية و الإيمان.
[1]- في القراءة المعروفة التي
اعتمدتها طبعة القرآن السائده، تأتي «و لا يأمركم» في حالة نصب- بفتح الراء- و هي
معطوفة على «أي يؤتيه اللّه» في الآية السابقة. و «لا» توكيد ل «ما» النافية في
الآية السابقة. و عليه تكون الآية بهذا المعنى: و ما كان لبشر أن يأمركم أن
تتّخذوا الملائكة و النبيّين أربابا.