يجادلكم يوم القيامة أمام اللّه و يدينكم، لأنكم خير عنصر و قوم في العالم، و
أنتم أصحاب النبوّة و العقل و العلم و المنطق و الاستدلال!».
بهذا المنطق الواهي كان اليهود يسعون لنيل ميزة يتميّزون بها، من حيث علاقتهم
باللّه، و من حيث العلم و المنطق و الاستدلال، على الأقوام الأخرى. لذلك يردّهم
اللّه في الآية التالية بقوله:
أي: قل لهم إنّ المواهب و النعم، سواء أ كانت النبوّة و الاستدلالات العقلية
المنطقية، أم المفاخر الأخرى، هي جميعا من اللّه، يسبغها على من يشاء من المؤهّلين
اللائقين الجديرين بها. إنّ أحدا لم يأخذ عليه عهدا و وعدا، و لا لأحد قرابة معه.
إنّ جوده و عفوه واسعان، و هو عليم بمن يستحقّهما.
هذا توكيد لما سبق أيضا: إنّ اللّه يخصّ من عباده من يراه جديرا برحمته- بما
في ذلك مقام النبوّة و القيادة- دون أن يستطيع أحد تحديده فهو صاحب الأفضال و
النعم العظيمة.
و يستفاد ضمنا من هذه الآية الكريمة أن الفضل الإلهي إذا شمل بعض الناس دون
بعض، فليس ذلك المحدودية الفضل الإلهي، بل بسبب تفاوت القابليات فيهم.
خطط قديمة
تعتبر هذه الآيات، في الواقع، من آيات إعجاز القرآن، لأنّها تكشف أسرار
[1]- «فضل» بمعنى كلّ شيء زاد عن
المقدار اللازم من المواهب و النعم، و هو معنى إيجابي و ممدوح. و لكن تارة يستبطن
معنى مذموما و سلبيا، و ذلك عند ما يأتي بمعنى الخروج عن حدّ الاعتدال. و الميل
إلى الإفراط، و يأتي غالبا بصيغة (فضول) جمع (فضل) كما في قولهم (فضول الكلام).