بعلاقته باللّه أن يدخل هذا الميدان، فيطلب من معارضيه ان يتقدّموا معه إلى
اللّه يدعونه أن ينزل لعناته على الكاذب، و أن يروا سرعة ما يحلّ بالكاذب من عقاب؟
لا شكّ أنّ دخول هذا الميدان خطر جدّا، لأنّ المبتهل إذا لم يجد استجابة لدعائه و
لم يظهر أيّ أثر لعقاب اللّه على معارضيه، فلن تكون النتيجة سوى فضيحة المبتهل.
فكيف يمكن لإنسان عاقل و مدارك أن يخطو مثل هذه الخطوة دون أن يكون مطمئنا إلى أنّ
النتيجة في صالحه؟ لهذا قيل إنّ دعوة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم إلى
المباهلة تعتبر واحدا من الأدلّة على صدق دعوته و إيمانه الراسخ بها، بصرف النظر
عن النتائج التي كانت ستكشف عنها المباهلة.
تقول الروايات الإسلامية: عند عرض هذا الاقتراح للمباهلة، طلب ممثّلو مسيحيّي
نجران من رسول اللّه أن يمهلهم بعض الوقت ليتبادلوا الرأي مع شيوخهم.
فكان لهم ما أرادوا. و كانت نتيجة مشاورتهم- التي تعتمد على ناحية نفسية- هي
أنّهم أمروا رجالهم بالدخول في المباهلة دون خوف إذا رأوا محمّدا قد حضر في أكثير
من الناس و وسط جلبة و ضوضاء، إذ أنّ هذا يعني أنّه بهذا يريد بثّ الرعب و الخوف
في النفوس و ليس في أمره حقيقة. أمّا إذا رأوه قادما في بضعة أنفار من أهله و صغار
أطفاله إلى الموعد، فليعلموا أنّه نبيّ اللّه حقّا، و ليتجنّبوا مباهلته.
و قد حضر المسيحيّون إلى المكان المعيّن، ثمّ رأوا أنّ رسول اللّه صلى اللّه
عليه و آله و سلّم أقبل يحمل الحسين على يد و يمسك الحسن باليد الأخرى و من خلفه
علي و فاطمة، و هو يطلب منهم أن يؤمّنوا على دعائه عند المباهلة. و إذ رأى
المسيحيّون هذا المشهد استولى عليهم الفزع، و رفضوا الدخول في المباهلة، و قبلوا
التعامل معه بشروط أهل الذمّة.
2- أحد أدلة عظمة أهل البيت:
يصرّح المفسّرون من الشيعة و السنّة أنّ آية المباهلة قد نزلت بحقّ أهل بيت