هنا يتبادر سؤال إلى الذهن، و هو أنّ اليهود و النصارى- بموجب هذه الآية-
سيبقون في الدنيا حتّى يوم القيامة، و أنّ أتّباع هاتين الديانتين سيبقون أيضا، مع
أنّ الأخبار الخاصّة بظهور المهدي عليه السّلام تبيّن أنّه يخضع جميع الأديان و
يحكم العالم كلّه.
يتّضح جواب هذا السؤال بالتدقيق في الأحاديث. فنحن نقرأ في الأحاديث عن المهدي
عليه السّلام أنّه لا يبقى بيت في البدو و لا في الحضر إلّا و يدخله التوحيد، أي
أنّ الإسلام سيكون الدين الرسمي في العالم كلّه، و تكون الحكومة حكومة إسلامية، و
لا يحكم العالم سوى القوانين الإسلامية. و لكن هذا لا يمنع من وجود أقلّية من
اليهود و النصارى تعيش تحت ظلّ حكومة المهديّ عليه السّلام وفق شروط «أهل الذمّة».
إنّنا نعلم أنّ حكومة المهديّ عليه السّلام لا تجبر الناس على اعتناق الإسلام،
بل تتقدّم بالمنطق. أمّا التوسّل بالقوّة العسكرية فلبسط العدالة، و للإطاحة
بالحكومات الظالمة، و لانضواء العالم تحت لواء الإسلام، لا لإجبار الناس على قبول
الإسلام، و إلّا فلن يكون هناك أي معنى لحرية الإرادة و الإختيار.