في مبتدأ هذه الآية يشرع القرآن بسرد حكاية مريم و أجدادها و مقامهم، فهم
النموذج الكامل لحب اللّه الحقيقي و ظهور آثار هذا الحب في مقام العمل و الذي
أشارت إليه الآيات السابقة.
«اصطفى» من الصفو، و هو خلوص الشيء
من الشوائب، و منه «الصفا» للحجارة الصافية. و عليه فالاصطفاء هو تناول صفو
الشيء.
تقول الآية: إنّ اللّه اختار آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران من بين الناس
جميعا. هذا الاختيار قد يكون «تكوينيا» و قد يكون «تشريعيا» أي أنّ اللّه قد خلق
هؤلاء منذ البدء خلقا متميّزا، و إن لم يكن في هذا الامتياز ما يجبرهم على إختيار
طريق الحقّ، بل أنّهم بملء اختيارهم و حرّية إرادتهم اختاروه. غير أنّ ذلك
التميّز أعدّهم للقيام بهداية البشر ثمّ على أثر إطاعتهم أوامر اللّه، و التقوى و
السعي في