أي أنّ اللّه بخلقه عالم المخلوقات الذي يسوده نظام موحّد، و تتشابه قوانينه
في كلّ مكان، و تجري وفق برنامج واحد، لتكوّن «وحدة واحدة» و «نظاما واحدا»، قد
أظهر عمليا أنّ الخالق و المعبود في العالم ليس أكثر من واحد، و أنّ كلّ شيء
ينطلق من ينبوع واحد. و عليه فإنّ خلق هذا النظام الواحد شهادة و دليل على
وحدانيّته.
ّا شهادة الملائكة و العلماء، فهي شهادة لفظية، فهم بالتعبير اللفظي الذي
يناسبهم يعترفون بهذه الحقيقة. إنّ هذا اللون من التفكيك في الآيات القرآنية كثير
في الآية إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِ[1]، لا شكّ
أنّ صلاة اللّه على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم غير صلاة الملائكة عليه،
فصلاة اللّه هي إرسال الرحمة، و صلاة الملائكة هي طلب الرحمة.
بديهيّ أنّ لشهادة الملائكة و العلماء جانبها العملي أيضا، ذلك لأنّهم لا
يعبدون سواه، و لا يخضعون لمعبود غيره.
2- ما القيام بالقسط؟
إنّ عبارة قائِماً بِالْقِسْطِ حال من فاعل «شهد» و هو «اللّه». أي أنّ اللّه يشهد بوحدانيّته في حالة كونه
قائما بالعدالة في عالم الوجود. و هذا في الحقيقة دليل على شهادته، لأنّ العدالة
هي إختيار الطريق الوسط و المستقيم، بمعزل عن كلّ إفراط و تفريط و انحراف. و نعلم
أنّ الطريق الوسط المستقيم لا بدّ أن يكون طريقا واحدا، كما نقرأ في الآية 153 من
سورة الأنعام وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً
فَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ.
تقول هذه الآية إنّ طريق اللّه واحد، بينما طرق المنحرفين و البعيدين عن
اللّه