في الآية التالية نقرأ مثالا جميلا آخر يقع في النقطة المقابلة لهذه الطائفة
من المنفقين، و هؤلاء هم الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه بدافع من الإيمان و
الإخلاص فتقول الآية: وَ مَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ.
تصوّر هذه الآية مزرعة خضراء يانعة تقع على أرض مرتفعة خصبة تستقبل لنسيم
الطلق و أشعة الشمس الوافرة و المطر الكثير النافع، و إذا لم يهطل المطر ينزل
الطلّ و هو المطر الخفيف و ذرّات الهباب ليحافظ على طراوة المزرعة و لطافتها،
فتكون النتيجة أنّ مزرعة كهذه تعطي ضعف ما تعطي المزارع الاخرى، فهذه الأرض فضلا
عن كونها خصبة بحيث يكفيها الطلّ و المطر الخفيف ناهيك عن المطر الغزير لأيناع
حاصلها، و فضلا عن كونها تستفيد كثيرا من الهواء الطلق و أشعّة الشمس و تلفت
الأنظار لجمالها، فإنّها لوقوعها على مرتفع تكون في مأمن من السيول.
فالآية الشريفة تريد أن تقول: إنّ الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللّه لتمكّن
الإيمان و اليقين في قلوبهم و أرواحهم هم أشبه بتلك المزرعة ذات الحاصل الوافر
المفيد و الثمين.
و في ختام الآية تقول: وَ اللَّهُ
بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فهو سبحانه
يعلم ما إذا كان الدافع على هذا الإنفاق إلهيّا مقترنا بالمحبّة و الاحترام، أو
للرياء المشفوع بالمنّة و الأذى.
بحوث
1- إنّ عبارة لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَ
الْأَذى تفيد بأنّ بعض الأعمال