ذكرنا في
تفسير الآية السابقة إنّ الإسلام قرّر قانون (العدّة) و (الرّجوع) لإصلاح وضع
الاسرة و منع تشتتّها و تمزّقها، لكنّ بعض المسلمين الجدد استغلّوا هذا القانون
كما كانوا عليه في الجاهليّة، و عمدوا إلى التضييق على الزّوجة بتطليقها المرّة
بعد الاخرى و الرّجوع إليها قبل انتهاء العدّة، و بهذه الوسيلة ضيّقوا الخناق على
النساء.
هذه الآية
تحول بين هذا السّلوك المنحط و تقرّر أنّ الطّلاق و الرّجوع مشروعان لمرّتين، أمّا
إذا تكرّر الطّلاق للمرّة الثالثة فلا رجوع، و الطّلاق الأخير هو الثالث، و المراد
من عبارة (الطّلاق مرّتان) هو أنّ الطّلاق الّذي يمكن معه الرّجوع مرّتان و
الطّلاق الثالث لا رجوع بعده، و تضيف الآية
فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ.
فعلى هذا
يكون الطّلاق الثالث هو الأخير لا رجعة فيه، و بعبارة اخرى أنّ المحبّة و الحنان
المتقابل بين الزّوجين يمكن إعادتهما في المرّتين السابقتين و تعود المياه إلى
مجاريها، و في غير هذه الصّورة إذا تكرّر منه الطّلاق في المرّة الثالثة فلا يحقّ
له الرّجوع إلّا بشرائط معيّنة تأتي في الآية التالية.
و يجب
الالتفات إلى أنّ (إمساك) يعني الحفظ و (تسريح) بمعنى إطلاق السّراح و مجيء جملة
تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ بعد جملة
الطَّلاقُ مَرَّتانِ إشارة إلى الطّلاق الثالث الّذي يفصل بين
الزّوجين لا بدّ أن يكون مع مراعاة موازين الحقّ و الإنصاف و القيم الأخلاقيّة
(جاء في أحاديث متعدّدة أنّ المراد من قوله
تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ هو الطّلاق الثالث)
[1].