responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 19  صفحة : 135

سورة الأعراف: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَ خِيفَةً.

ثمّ تبدأ المرحلة الثّالثة، و فيها يتعدى الذكر مقام الرّبوبية ليصل إلى مقام مجموعة الصفات الجمالية و الجلالية المجتمعة في اللّه تعالى، كما هو في الآية (41) من سورة الأحزاب حيث يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً و على هذا الأساس يستمر هذا الذكر ليتكامل في مراحلة ليوصل الذاكر نفسه إلى أوج الكمال. [1] و يقول في الأمر الثّاني: وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا. [2] «التبتل»: من (البتل) على وزن (حتم)، و تعني في الأصل الانقطاع، و لهذا سمّيت «مريم العذراء» عليها السّلام بالبتول، لأنّها لم تتخذ لنفسها زوجا و سمّيت الزّهراء عليها السّلام بالبتول لأنّها كانت أفضل نساء عصرها في السيرة و السلوك، و كانت بالغة درجة الانقطاع إلى اللّه تعالى.

فالتبتل هو التوجه القلبي التام إلى اللّه تعالى، و الانقطاع عن غيره إليه تعالى، و الإتيان بالأعمال الخالصة للّه، و كذا الخلوص له تعالى.

و ما

روي عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قوله: «لا رهبانية، و لا تبتل في الإسلام» [3]

، فهو اشارة لما هو حاصل في أوساط المسيحيين في تركهم للدنيا، إذ أنّهم اعتزلوا الزواج لاعتزالهم الدنيا، و اعتزلوا بذلك الوظائف الاجتماعية، و هذا ما لم يكن حاصلا عند المسلمين، إذ أن أحدهم يعيش في أوساط المجتمع الإنساني و هو في نفس الوقت متوجّه إلى اللّه تعالى.


[1]- تفسير الفخر الرازي، ج 30، ص 177 (مع الاقتباس).

[2]- «التبتل»: يجب أن يكون التبتل هنا حسب القاعدة مفعول مطلق و هو مصدر من باب (تفعل) و لكنّه جاء على وزن تفعيل، لحفظ توافق أواخر الآيات، و يمكن أن يكون مصدر إشارة إلى أن الانقطاع إلى اللّه لا يكون كلّه اكتسابيا، و لا يكون هبة بتمامه أيضا، بل يكون ذلك بشروط السعي و العمل الجاد للعبد المتقي من جهة، و بلطف اللّه و عنايته من جهة اخرى.

[3]- المفردات، و مجمع البحرين باب البتل.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 19  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست