responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 17  صفحة : 482

الملفت للنظر هنا أنّ الآية استعملت تعبير (تحرثون) من مادّة (حرث) على وزن (درس) و هو يعني الزراعة و نشر الحبوب و تهيئتها للإنبات، و في الآية الثانية كان التعبير ب (تزرعونه) من مادّة «زراعة» بمعنى النمو و النضج.

و من البديهي أنّ عمل الإنسان هو الحرث فقط، أمّا النمو فهو من عمل اللّه سبحانه فقط، و لذا نقل‌

في حديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «لا يقولنّ أحدكم زرعت و ليقل حرثت، فإنّ الزارع هو اللّه» [1].

شرح هذا الدليل هو أنّ عمل الإنسان في الزرع كعمله في الإنجاب حيث ينثر البذرة و يتركها، و اللّه سبحانه هو الذي يخلق في وسط هذه البذرة الحياة، فعند ما توضع البذرة في محيط مهيّأ من حيث التربة و الضوء و الماء، فإنّها تستفيد ابتداء من المواد الغذائية المخزونة فيها إلى أن تصبح برعما و تولّد جذرا، ثمّ تنمو بسرعة عجيبة مستفيدة من المواد الغذائية الموجودة في الأرض حيث تعمل أجهزة عظيمة و تحدث تغييرات عميقة في داخل النبات، تتمخّض عن أغصان و سيقان و أوراق و ثمار .. و أحيانا تنتج البذرة الواحدة عدّة آلاف من البذور [2].

يقول العلماء: إنّ التركيبات الموجودة في بناء نبات واحد أعجب و أعقد بمراتب من التشكيلات الموجودة في مدينة صناعية عظيمة مع معاملها المتعدّدة.

هل أنّ القوّة التي لها مثل هذه القدرة تعجز عن إحياء الموتى مرّة اخرى؟

و في الآية اللاحقة يؤكّد الدور الهامشي للإنسان في نمو و رشد النباتات فيقول: لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ‌.

نعم، يستطيع البارئ أن يرسل رياحا سامّة تقتل البذور قبل الإنبات‌


[1]- القسم الأوّل من الحديث جاء في تفسير مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث، و نقل القسم الثاني في روح البيان كإضافة عليه.

[2]- بالرغم من أنّ الحبّة الواحدة من الحنطة لا تنبت سوى عدّة مئات من الحبوب، إلّا أنّه كما قلنا في ج 2 من هذا التّفسير:

أنّه قد وجد في بعض مزارع القمح في إحدى المحافظات الجنوبية لإيران أنّ سنبلة واحدة تحوي على أربعة آلاف حبّة و ذلك طبقا لما أعلنته منشورات صحفية.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 17  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست