responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 95

هذه الشهية الكاذبة.

نعم، إنّ أصحاب الجنّة سوف لا يميلون أبدا إلى مثل هذه الأعمال، لأن ميل الروح و انجذابها إليها من خصائص أرواح أصحاب الجحيم المريضة.

إنّ هذا السؤال يشبه ما

ورد في الحديث‌ من أن أعرابيا أتى النّبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم، و قال:

هل في الجنّة إبل؟ فإنّي أحبّها حبّا جمّا، فالتفت إليه النّبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم الذي كان يعلم أن في الجنّة نعما سينسى معها الأعرابي الإبل، و أجابه بعبارة قصيرة فقال: «يا أعرابي، إن أدخلك اللَّه الجنّة أصبت فيها ما اشتهت نفسك و لذت عينك» [1].

و بتعبير آخر: فهناك العالم الذي ينسجم فيه الإنسان مع الحقائق تماما.

و على كل حال، لما كانت قيمة النعمة في كونها خالدة، فقد طمأنت الآية أصحاب النعيم من هذه الجهة عند ما ذكرت الصفة السادسة فقالت: وَ أَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ‌ لئلّا يكدر التفكير في زوال هذه النعمة صفو عيشهم و لذّتهم، فيقلقوا من المستقبل و ما يخبئه.

و هنا، من أجل أن يتّضح أن كل نعم الجنّة هذه تعطى جزاء لا اعتباطا و عبثا، تضيف الآية: وَ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‌.

و الطريف في الأمر أنّ الآية تطرح مجازاة الأعمال و كون الجنّة في مقابلها من جهة، و من جهة أخرى تجعلها إرثا، و هو يستعمل عادة في الموارد التي تصل فيها النعمة إلى الإنسان من دون أن يبذل جهدا أو سعيا في تحصيلها، و هذه إشارة إلى أنّ أعمالكم هي أساس خلاصكم و نجاتكم، إلّا أن ما تحصلون عليه إذا ما قورن بأعمالكم فهو كالشي‌ء المجاني المعطى من قبل اللَّه تعالى، و كالهبة حصلتم عليها بفضله.

و يعتبر البعض هذا التعبير إشارة إلى ما قلناه سابقا من أن لكل إنسان منزلا في الجنّة و محلا في الجحيم، فيرث أصحاب الجنّة منازل أصحاب النّار، و يرث‌


[1]- روح البيان، المجلد 8، صفحة 391.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست