«القلب» مكانا للتقوى، و من ضمنها
قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ
قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى[1].
و يجعل القرآن «التقوى» في مقابل «الفجور» كما نقرأ ذلك في الآية (8) من سورة
الشمس: فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها.
و يعدّ القرآن كلّ عمل ينبع من روح الإيمان و الإخلاص و النية الصادقة أساسه
التقوى، كما جاء في وصفه في شأن «مسجد قبا» (في المدينة) حيث بنى المنافقون في
قباله «مسجد ضرار» فيقول: لَمَسْجِدٌ
أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ[2].
و يستفاد من مجموع هذه الآيات أنّ التقوى هي الإحساس بالمسؤولية و التعهّد
الذي يحكم وجود الإنسان و ذلك نتيجة لرسوخ إيمانه في قلبه حيث يصدّه عن الفجور و
الذنب و يدعوه إلى العمل الصالح و البر و يغسل أعمال الإنسان من التلوّثات و يجعل
فكره و نيّته في خلوص من أية شائبة.
و حين نعود إلى الجذر اللغوي لهذه الكلمة نصل إلى هذه النتيجة أيضا لأنّ
«التقوى» مشتقّة من «الوقاية» و معناها المواظبة و السعي على حفظ الشيء، و المراد
في هذه الموارد حفظ النفس من التلوّث بشكل عام، و جعل القوى تتمركز في أمور يكون
رضا اللَّه فيها:
و قد ذكر بعض الأعاظم للتقوى ثلاث مراحل:
1- حفظ النفس من (العذاب الخالد) عن طريق تحصيل الإعتقادات الصحيحة.
2- تجنّب كلّ إثم و هو أعم من أن يكون تركا لواجب أو فعلا لمعصية.
3- التجلّد و الاصطبار عن كلّ ما يشغل القلب و يصرفه عن الحق، و هذه تقوى