responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 550

محملا» [1].

و على كلّ حال فإنّ هذا الأمر واحد من أكثر الأوامر و التعليمات جامعيّة و دقّة في مجال روابط الإنسان الاجتماعية الذي تضمن الأمن في المجتمع بشكل كامل! و سيأتي بيانه و تفصيله في فقرة البحوث.

ثمّ تذكر الآية موضوع «التجسّس» فتنهى عنه بالقول: وَ لا تَجَسَّسُوا!.

و «التجسّس» و «التحسّس» كلاهما بمعنى البحث و التقصّي، إلّا أنّ الكلمة الأولى غالبا ما تستعمل في البحث عن الأمور غير المطلوبة، و الكلمة الثانية على العكس حيث تستعمل في البحث عن الأمور المطلوبة أو المحبوبة! و منه ما ورد على لسان يعقوب في وصيته ولده! يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ‌ [2].

و في الحقيقة إنّ سوء الظن باعث على التجسّس، و التجسس باعث على كشف الأسرار و ما خفي من أمور الناس، و الإسلام لا يبيح أبدا كشف أسرار الناس! و بتعبير آخر إنّ الإسلام يريد أن يكون الناس في حياتهم الخاصة آمنين من كل الجهات، و بديهي أنه لو سمح الإسلام لكلّ أحد أن يتجسّس على الآخرين فإنّ كرامة الناس و حيثيّاتهم تتعرض للزوال، و تتولد من ذلك «حياة جهنمية» يحسّ فيها جميع أفراد المجتمع بالقلق و التمزّق!.

و بالطبع فإنّ هذا الأمر لا ينافي وجود أجهزة «مخابرات» في الحكومة الإسلامية لمواجهة المؤامرات، و لكنّ هذا لا يعني أنّ لهذه الأجهزة حق التجسّس في حياة الناس الخاصّة «كما سنبيّن ذلك بإذن اللَّه فيما بعد».

و أخيرا فإنّ الآية تضيف في آخر هذه الأوامر و التعليمات ما هو نتيجة الأمرين السابقين و معلولهما فتقول: وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.


[1]- أصول الكافي، ج 2، باب التهمة و سوء الظن، الحديث 3، و قد ورد شبيه هذا المعنى في نهج البلاغة مع شي‌ء من التفاوت في «الكلمات القصار، رقم 360».

[2]- يوسف، الآية 87.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 550
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست