responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 55

قَرِينٌ‌ [1] [2].

نعم، إنّ الغفلة عن ذكر اللَّه، و الغرق في لذات الدنيا، و الانهيار بزخارفها و مغرياتها يؤدي إلى تسلط شيطان على الإنسان يكون قرينة دائما، و يلقي لجاما حول رقبته يشدّه به، و يجرّه إليه ليذهب به حيث يشاء! من البديهي أنّه لا مجال لأن يتصور أحد معنى الجبر في هذه الآية لأنّ هذه نتيجة الأعمال التي قام بها هؤلاء أنفسهم، و قد قلنا مرارا: إنّ أولى نتائج أعمال الإنسان- و خاصة الانغماس في ملاذ الدنيا، و التلوث بأنواع المعاصي- هو تكوّن حجاب على القلب و السمع و البصر يبعده عن اللَّه سبحانه، و يسلط الشياطين عليه، و قد يستمرّ هذا الحال بالنسبة إليه حتى يغلق بوجهه باب الرجوع، لأنّ الشياطين و الأفكار الشيطانية تكون حينئذ قد أحاطت به من كل جانب، و هذه نتيجة عمل الإنسان نفسه، و إن كانت نسبتها إلى اللَّه سبحانه بلحاظ كونه سبب الأسباب صحيحة أيضا، و هذا هو نفس الشي‌ء الذي عبّر عنه في آيات القرآن الأخرى بعنوان تزيين الشياطين‌ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ‌ [3]، أو بعنوان ولاية الشيطان‌ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ‌. [4] و ممّا يستحق الانتباه أن جملة نُقَيِّضْ‌ و بالالتفات إلى معناها اللغوي، تدل على استيلاء الشياطين، كما تدل على كونهم أقرانا، و في الوقت نفسه فقد جاءت جملة: فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ‌ بعدها لتؤكّد هذا المعنى، و هو أنّ الشياطين لا يفارقون مثل هؤلاء الأفراد، و لا يبتعدون عنهم مطلقا!


[1]- «يعش» من مادة العشو، فإن عديت ب (إلى): (عشوت إليه) فهي تعني الهداية بواسطة شي‌ء ما بعين ضعيفة، و إن عديت ب (عن): (عشا عنه)، و أعطت معنى الإعراض عن الشي‌ء، و هو المراد في الآية المذكورة. لسان العرب (عشو).

[2]- «نقيّض» من مادة قيض، و هي في الأصل بمعنى الغشاء الذي يغطي البيضة، ثمّ جاءت بمعنى جعل شي‌ء مستوليا على شي‌ء آخر.

[3]- النحل، الآية 63.

[4]- النحل، الآية 63.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 55
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست