«لطيفتين» مهمّتين في هذا الشأن!
الأولى: هي أنّه لا تتصوّروا أنّه لو وقعت الحرب بينكم و بين مشركي مكّة في
الحديبيّة لانتصر المشركون و الكفرة! وَ لَوْ
قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ
وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً.
و ليس هذا منحصرا بكم بل: سُنَّةَ
اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ
تَبْدِيلًا.
فهذا هو قانون إلهي دائم، فمتى واجه المؤمنون العدوّ بنيّات خالصة و قلوب
طاهرة و لم يضعفوا في أمر الجهاد نصرهم اللّه على عدوّهم، و ربّما حدث في هذا
الشأن إبطاء أو تعجيل لامتحان المؤمنين أو لأهداف أخرى، و لكنّ النصر النهائي على
كل حال هو حليف المؤمنين ..
لكن في موارد كمعركة أحد مثلا حيث أنّ جماعة لم يتّبعوا أمر الرّسول و مالت
طائفة منهم إلى الدنيا و زخرفها فلوّثت نياتها و عكفت على جمع الغنائم فإنّها ذاقت
هزيمة مرّة، و هكذا بعد! اللطيفة المهمّة التي تبيّنها الآيات هي أن لا تجلس قريش
فتقول: مع الأسف إنّنا لم نقاتل هذه الطائفة القليلة العدد، أسفا إذا بلغ «الصيد»
مكّة فغفلنا عنه .. أبدا ليس الأمر كذلك .. فبالرغم من أنّ المسلمين كانوا قلّة و
بعيدين عن الوطن و المأمن و فاقدين للأعتدة و المؤن. و لكن مع هذه الحال لو وقع
قتال بين المشركين و المؤمنين لانتصر المؤمنون ببركة قوى الإيمان و نصر اللّه أيضا
.. ألم يكونوا في بدر أو الأحزاب قلة و أعداؤهم كثرة، فكيف انهزم الجمع و ولّوا
الدبر في المعركتين؟! و على كلّ حال فإنّ بيان هذه الحقيقة كان سببا لتقوية روحية
المؤمنين و تضعيف روحية الأعداء و إنهاء القيل و القال من قبل المنافقين، و دلّ
على أنّه حتى لو حدثت حرب في هذه الظروف غير الملائمة بحسب الظاهر فإنّ النصر
سيكون