responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 287

و قال البعض: إنّهم لم يلتفتوا إلى أنّ هذه السحب السوداء هي رياح قوية مغبرة، إلّا عند ما وصلت قريبا من ديارهم، و رفعت دوابهم و رعاتهم- الذين كانوا في الصحاري المحيطة بهم- من الأرض و رمتهم في الهواء، و رأوا أنّها تقتلع الخيام من مكانها و تلقيها في الهواء حتى كانت تبدو كالجواد! عند ما رأوا ذلك المشهد، فروا و التجأوا إلى دورهم و أغلقوا الأبواب عليهم، إلّا أنّ الأعاصير اقتلعت الأبواب و ألقتها على الأرض- أو حملتها معها- و رمت أجساد هؤلاء بالأحقاف، و هي الرمال المتحركة.

و جاء في الآية (7) من سورة الحاقة: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ‌ و هكذا بقي هؤلاء القوم يئنّون تحت تل من الرمال و التراب، ثمّ أزالت الرياح القوية التراب فظهرت أبدانهم مرّة أخرى، فحملتها و ألقتها في البحر [1].

و تشير الآية في النهاية إلى حقيقة، و هي أنّ هذا المصير غير مختص بهؤلاء القوم الضالين، بل: كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ‌.

و هذا إنذار و تحذير لكلّ المجرمين العصاة، و الكافرين المعاندين الأنانيين، بأنّكم إن سلكتم هذا الطريق فسوف لن يكون مصيركم أحسن حالا من هؤلاء، فإنّه تعالى قد يأمر الرياح بأن تهلككم، ذات الرياح التي يعبر القرآن الكريم بأنّها:

بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ‌ لأنّ الرياح تتصف بصفة الأمر الإلهي المطلوب منها.

و قد يبدل الأرض التي هي مهد استقرار الإنسان و اطمئنانه، إلى قبر له بزلزلة شديدة.

و قد يبدّل المطر الذي هو أساس حياة كلّ الكائنات الحية، إلى سيول جارفة تغرق كل شي‌ء.

نعم، إنّه عزّ و جلّ يجعل جنود الحياة جنود موت و فناء، و كم هو مؤلم الموت‌


[1]- تفسير الفخر الرازي، المجلد 28، صفحة 28، ذيل الآيات مورد البحث، و جاء هذا المعنى أيضا في تفسير القرطبي، المجلد 9، صفحة 6026.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 287
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست