responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 250

سِحْرٌ مُبِينٌ‌ فهم لا يستطيعون إنكار نفوذ القرآن السريع في القلوب، و جاذبيته التي لا تقاوم من جهة، و هم من جهة أخرى غير مستعدين لأن يخضعوا أمام عظمته و كونه حقّا، و لذلك فإنّهم يفسّرون هذا النفوذ القوي بتفسير خاطئ منحرف و يقولون: إنّه سحر مبين، و هذا القول- بحدّ ذاته- اعتراف ضمني واضح بتأثير القرآن الخارق في قلوب البشر.

بناء على هذا فإنّ «الحق»- في الآية المذكورة- إشارة إلى آيات القرآن، و إن كان البعض قد فسّرها بالنبوّة، أو الإسلام، أو معجزات النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم الأخرى، إلّا أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب بملاحظة بداية الآية.

غير أنّ هؤلاء لم يكتفوا بإطلاق هذه التهمة و إلصاقها به، بل إنّهم تمادوا فخطوا خطوة أوسع، و أكثر صراحة: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ‌.

إنّ اللّه سبحانه يأمر نبيّه هنا بأن يجيبهم بجواب قاطع، و يعطيهم البرهان الجلي بأنّه قل لهم إذا كان كذلك فاللازم أن يفضحني و لا تستطيعون الدفاع عنّي مقابل عقابه: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً [1] فكيف يمكن أن يظهر اللّه سبحانه هذه الآيات البينات و المعجزة الخالدة على يد كذّاب؟ إنّ هذا بعيد عن حكمة اللّه و لطفه.

و هذا كما ورد في الآيات (44)- (47) من سورة الحاقة: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ‌.

بناء على هذا، هل يمكن أن أقدم على مثل هذا العمل الخطير من أجلكم؟

و كيف تصدّقون أنّ بالإمكان أن أكذب مثل هذه الكذبة ثمّ يبقيني اللّه حيا، بل و يمنحني معاجز أخر؟


[1]- جملة (إن افتريته) جملة شرطية حذف جزاؤها، و التقدير: إن افتريته أخذني و عاجلني بالعقوبة.

اسم الکتاب : الامثل في تفسير كتاب الله المنزل المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 16  صفحة : 250
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست