و هو سبحانه
يأمرنا في هذه الآيات أن نشكر نعم اللَّه تعالى، و أن نسبّح اللَّه عزّ و جلّ عند
الإستواء على ظهورها.
فإذا تحوّل
ذكر المنعم الحقيقي عند كلّ نعمة ينعم بها إلى طبع و ملكة في الإنسان، فسوف لا
يغرق في ظلمة الغفلة، و لا يسقط في هاوية الغرور، بل إنّ المواهب و النعم الماديّة
ستكون له سلّما إلى اللَّه سبحانه! و
قد ورد في
سيرة الرّسول الأعظم صلى اللَّه عليه و آله و سلّم أنّه ما
وضع رجله في الركاب إلّا و قال: «الحمد للَّه»، و إذا ما استوى على ظهر الدابّة
فإنّه يقول: الحمد لله على كل حال، سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا
هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ[2].
و
جاء في
حديث آخر عن الإمام الحسن المجتبى عليه السّلام أنّه رأى
رجلا ركب دابّة فقال: سبحان الذي سخّر لنا هذا، فقال له: «ما بهذا أمرت، أمرت أن
تقول: «الحمد للَّه الذي هدانا للإسلام، الحمد للَّه الذي منّ علينا بمحمّد، و
الحمد للَّه الذي جعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، ثمّ تقول: سبحان الذي سخّر لنا
هذا» [3]،
إشارة إلى
أنّ الآية لم تأمر بأن يقال: سبحان الذي سخّر لنا هذا، بل أمرت أوّلا بذكر نعم
اللَّه العظيمة: نعمة الهداية إلى الإسلام، نعمة نبوّة النّبي صلى اللَّه عليه و
آله و سلّم، نعمة جعلناه في زمرة خير أمّة، ثمّ تسبيح اللَّه على تسخيره لما نركب!
و ممّا يستحقّ الانتباه أنّه يستفاد من الرّوايات أنّ من قال عند ركوبه:
سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنَّا إِلى
رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ فسوف لن يصاب بأذى بأمر اللَّه! و قد
روي هذا المطلب في حديث في الكافي عن أئمّة أهل البيت عليهم السّلام
[4].
و نكتشف من
خلال ذلك البون الشاسع بين تعليمات الإسلام البنّاءة هذه، و بين