بداية آل
عمران، أوّل الأعراف، بداية سورة «فصلت» في خصوص حم).
و يقسم تعالى
بالقرآن الكريم في الآية الثّانية، فيقول: وَ
الْكِتابِ الْمُبِينِ. قسما بهذا الكتاب الواضحة حقائقه، و
البيّنة معانيه و مفاهيمه، و الظاهرة دلائل صدقه، و المبيّنة طرق هدايته و رشاده.
إنّ كون
القرآن عربيّا، إمّا بمعنى أنّه «نزل بلغة العرب التي هي أوسع لغات العالم في بيان
الحقائق، و قادرة على تبيان دقائق المطالب بكل جمال و دقّة في التعبير.
أو بمعنى
فصاحته- لأنّ أحد معاني كلمة (عربي) هو «الفصيح» و هي إشارة إلى أنا قد جعلناه في
منتهى الفصاحة و غايتها، لتظهر الحقائق جيّدا من خلال كلماته و جمله، و يدركها
الجميع جيدا.
و الطّريف
أنّ القسم و جوابه- هنا- شيء واحد، فهو تعالى يقسم بالقرآن أنّه جعل القرآن
عربيّا ليستفيد الجميع منه و يعقلوا آياته، و ربّما كان هذا إشارة إلى أنّه لم يكن
هناك شيء أجلّ من القرآن ليقسم به، فإنّ ما هو أسمى من القرآن نفس القرآن، لأنّ
كلام اللَّه سبحانه، و كلام اللَّه مبيّن لذاته المقدّسة.
و لا يدلّ
التعبير ب (لعل) على أنّ اللَّه سبحانه يشكّ في تأثير القرآن، أو أنّ الكلام هنا
عن الرجاء و الأمل الذي يصعب الوصول إليه و تحقّقه، بل إنّه يشير إلى تفاوت
الأرضيّات الفكرية و الأخلاقيّة لسامعى آيات القرآن الكريم، و يشير أيضا إلى أنّ
تأثير القرآن يستلزم توفر شروطا معيّنة أشير إليها إجمالا بكلمة (لعل). و قد
أوردنا تفصيلا أكثر لهذا المعنى في ذيل الآية (200) من آل عمران.
ثمّ يتطرق
القرآن إلى بيان ثلاث صفات أخرى لهذا الكتاب السماوي، فيقول:
وَ
إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ و يشير في
الصفة الأولى إلى أنّ القرآن الكريم قد حفظ و أثبت في أمّ الكتاب لدى اللَّه
سبحانه، كما نقرأ ذلك أيضا في
[1]- الواو في (و الكتاب المبين) للقسم، و جواب
هذا القسم جملة (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا).