«الهداية»: في اللغة تعني التوجيه و
الإرشاد بلطف و دقّة [1]، و تنقسم إلى قسمين (بيان الطريق)، و (الإيصال إلى المطلوب) و بعبارة اخرى
(هداية تشريعية) و (هداية تكوينية) [2].
و لتوضيح ذلك نقول: إنّ الإنسان يصف أحيانا الطريق للسائل بدقّة و لطف و عناية
و يترك السائل معتمدا على الوصف في قطع الطريق و الوصول إلى المقصد المطلوب. و
أحيانا اخرى يصف الإنسان الطريق للسائل و من ثمّ يمسك بيده ليوصله إلى المكان
المقصود.
و بعبارة اخرى: الشخص المجيب في الحالة الأولى يوضّح القانون و شرائط سلوك
الطريق للشخص السائل كي يعتمد الأخير على نفسه في الموصول إلى المقصد و الهدف،
أمّا في الحالة الثانية، فإضافة إلى ما جاء في الحالة الأولى، فإنّ الشخص المجيب
يهيء مستلزمات السفر، و يزيل الموانع الموجود، و يحلّ المشكلات، إضافة إلى أنّه
يرافق الشخص السائل في سلوك الطريق حتّى الوصول إلى مقصده النهائي لحمايته و
الحفاظ عليه.
و (الإضلال) هو النقطة المقابلة ل (الهداية).
فلو ألقينا نظرة عامة على آيات القرآن لا تضح لنا- بصورة جيدة- أنّ القرآن
يعتبر أنّ الضلالة و الهداية من اللّه، أي أن الاثنين ينسبان إلى اللّه، و لو
أردنا أن نعدد كل الآيات التي تتحدث بهذا الخصوص، لطال الحديث كثيرا، و لكن نكتفي
بذكر ما جاء في الآية (213) من سورة البقرة: وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
[2]- نلفت الانتباه إلى أن الهدآية
التكوينية هنا قد استخدمت بمعناها الواسع، حيث تشمل كل أشكال الهدآية عدا الهدآية
التي تأتي عن طريق بيان الشرائع و التوجيه إلى الطريق.