نقل العباس عم النّبي، حديثا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم جاء
في، «إذا اقشعر جلد العبد من خشية اللّه تحاتت
عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها» [1].
و من الواضح أن الشخص الذي يخشى اللّه و يتأثر من ذلك الى هذه الدرجة لا بدّ
أن تتوفر فيه حالة التوبة و الانابة، و مثل هذا الشخص سيكون موردا لعفو اللّه و
مغفرته حتما.
و روي عن (أسماء) إذ قالت عند ما سئلت عن أصحاب رسول اللّه فقالت:
(كان أصحاب النّبي حقا إذا قرئ عليهم
القرآن- كما نعتهم اللّه- تدمع أعينهم و تقشعر جلودهم). و أضاف الراوي: سئلت
أسماء: هل عندنا أحد يغمى عليه أو يفقد الوعي عند ما يسمع آيات القرآن المجيد،
فأجابت أسماء: أعوذ باللّه تعالى من الشيطان، (أي إنّه من عمل الشيطان) [2].
هذا الحديث- في الحقيقة- جواب لأولئك المتصوفة الذين يعقدون الاجتماعات و
الحلقات، و يقرءون فيها بعض الآيات و الأذكار، ثمّ يقومون ببعض الحركات بعنوان
حالة الوجد و السرور، ثمّ يشرعون بإطلاق بعض الصيحات و إظهار أنفسهم و كأنّهم قد
أغشي عليهم، و يحتمل أن البعض يغشى عليه فعلا. مثل هذه الأمور لم ينقلها أحد أبدا
بشأن أصحاب الرّسول، و ما هي إلّا بدعة ابتدعها المتصوفة.
و بالطبع يمكن أن يندهش الإنسان أحيانا و قد يغشى عليه من شدّة خوفه من البارئ
عزّ و جلّ، و هذا الأمر يختلف كثير عن ممارسة الصوفيين الذين يعقدون الحلقات للذكر
التي ذكرناها آنفا.
[1]- (مجمع البيان) ذيل آيات البحث،
كما نقل هذه الرواية أبو الفتوح الرازي و القراطبي مع شيء من الاختلاف.
[2]- أورد الآلوسي هذا الحديث في روح
المعاني، المجلد 23، الصفحة 235، كما أورده بعض المفسّرين في ذيل الآية.