المظلمة، في حين أنّنا لا نستطيع أحيانا أن نسير مقدارا يسيرا من طريقها ما لم
يكن لدينا أجهزة و وسائل معينة توضح لنا لمسير؟
و هناك بعض الأسماك التي تعيش في أعماق البحار و المحيطات، و عند ما تريد أن
تضع بيوضها تعود إلى مسقط رأسها الذي يبعد أحيانا آلاف الكيلومترات، فكيف تستطيع
هذه الأسماك أن تهتدي إلى مسقط رأسها بهذه السهولة؟! و هناك العديد من هذه الأمثلة
المجهولة في حياتنا تمنعنا انكار و نفي كل شيء، و تذكرنا بوصية الفيلسوف «ابن
سينا» الذي يقول: «كل ما قرع سمعك من الغرائب فضعه في بقعة الإمكان ما لم يزدك عنه
قاطع البرهان.» و الآن لنر ادلّة الماديين في إنكار الوحي.
منطق منكري الوحي:
يذكر بعض الماديين لدى طرح مسألة الوحي بأن الوحي خلاف العلم! و إذا سألناهم
كيف ذلك؟ يقولون بلهجة المغرورة و الواثق من نفسه: إنّه يكفي لانكار شيء أن
العلوم الطبيعية لم تثبته. و نحن لا نقبل إلّا المواضيع التي أثبتتها العلوم
التجريبية وفق معاييرها الخاصة.
و إضافة لذلك فنحن لم نواجه في تحقيقاتنا العلمية حول جسم الإنسان و روحه،
شيئا مجهولا يستطيع أن يربطنا بعالم ما وراء الطبيعة.
كيف يمكننا أن نصدق بأن الأنبياء، الذين هم بشر مثلنا، لهم إحساس غير إحساسنا
و إدراك فوق إدراكنا؟
الإيراد الدائمي و الرد الدائمي:
مثل هذا التعامل للماديين مع الوحي لا يرتبط بهذا الخصوص فحسب،