أي مختلف
الأنواع كالحنطة و الشعير و الزر و الذرة، ذات الأشكال المختلفة و الألوان
الظاهرية المتعددة، فمنها الأخضر الغامق، و الأخضر الفاتح، و بعضها ذو أوراق عريضة
و كبيرة، و البعض الآخر ذو أوراق دقيقة و صغيرة.
و ممّا يذكر
أن كلمة (زرع) تطلق على النباتات ذات الساق الدقيق، فيما تطلق كلمة (شجر) على
الأشجار ذات السيقان القوية، و كلمة (زرع) ذات معان كثيرة تشمل النباتات الطبيعية
التي لا يمكن الاستفادة منها للغذاء، و أنواع الورد و نباتات الزينة و الأعشاب
الطبيعة التي يؤخذ منها الدواء، و أحيانا نرى في غصن واحد، و لربّما في وردة واحدة
عدّة ألوان جميلة جذابة، تسبح و توحد البارئ عزّ و جلّ بلسان صامت.
ثمّ تنتقل
الآية إلى مرحلة اخرى من مراحل حياة هذه النباتات، إذ تقول:
ثُمَّ
يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا[1] حيث تعصف به
الرياح من كلّ جانب لتقلعه من مكانه بسبب ضعف سيقانه و يضيف تعالى:
ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً.
نعم، إن في
هذا لذكرى لأصحاب القول و أهل العلم إِنَّ فِي ذلِكَ
لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ.
هذا المشهد
يذكّر الإنسان بالنظام الدقيق و العظيم الذي وضعه البارئ عزّ و جلّ لعالم الوجود،
و إنّه تذكير بنهاية الحياة و انطفاء شعلتها، و من ثمّ بمسألة البعث و عودة
الأموات إلى الحياة. فرغم أنّ هذا المشهد يتعلّق بعالم النبات، إلّا أنّه ينبّه
الإنسان إلى أن مثل هذا الأمر سوف يتكرر في حياته و عمره هو أيضا مع وجود بعض
الاختلاف في مدّة الأعمار، و لكن الأساس واحد إذ يبدأ بالولادة يتدرج إلى النشاط و
الشباب، و من ثمّ الذبول و الكهولة، و في النهاية الموت.
و كتتمة لهذا
الدرس الكبير في التوحيد و المعاد، تنتقل الآيات إلى المقارنة
[1]- «يهيج» من مادة (هيجان) و لها معنيان في
اللغة، الأوّل هو جاف النبات و اصفراره، و الثّاني هو التحرك و الانتفاض، و من
الممكن أو يعود المعنيان إلى أصل واحد، لأنّ النبات حينما يجفّ فإنه يستعد
للانفصال و الانتشار و التحرك و الهيجان.