لذا، و كتعليمات عامّة لجميع الأنبياء العظام تقول الآية في الجملة الأخرى:
أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ.
فهي توصي بأمرين مهمّين:
الأوّل: إقامة دين الخالق في كلّ الأرض (و ليس العمل فحسب، بل إقامته و إحياؤه
و نشره).
الثّاني: الاحتراز عن البلاء العظيم، يعني الفرقة و النفاق في الدين.
و بعد ذلك تقول: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ
ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ.
فلقد تطبع هؤلاء على الشرك و عبادة الأصنام بسبب الجهل و التعصب لسنين طويلة،
و عشعش ذلك في أعماقهم بحيث أصبحت الدعوة إلى التوحيد تخيفهم و توحشهم، إضافة لذلك
فإن مصالح زعماء المشركين اللامشروعة محفوظة في الشرك، في حين أن التوحيد هو أساس
ثورة المستضعفين، و يقف حائلا دون أهواء الطغاة و مظالمهم.
و كما أن انتخاب الأنبياء بيد الخالق، كذلك فإنّ هداية الناس بيده أيضا: اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي
إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ.
ملاحظات
و هناك ملاحظات في هذه الآية يجب الانتباه إليها:
1- (شرع) من كلمة (شرع) و هي في الأصل تعني الطريق الواضح، حيث يقال (الشريعة)
للطريق المؤدي إلى النهر، ثمّ استخدمت هذه الكلمة بخصوص الأديان الإلهية و الشرائع
السماوية، لأن طريق السعادة الواضح يتمثل فيها، و هي طريق الوصول إلى الإيمان و
التقوى و الصلح و العدالة.
و بما أنّ الماء هو أساس النظافة و الطهارة و الحياة، لذا فإنّ لهذا المصطلح