ثم قال له: إن يكن الأمر كما تقول، و ليس كما نقول، نجونا و نجوت. و إن يكن
الأمر كما نقول، و هو كما نقول نجونا و هلكت.
فأقبل عبد الكريم على من معه و قال: وجدت في قلبي حزازة (ألم) فردّوني، فردوه
فمات [1].
مسألة:
يثار هنا السؤال الآتي: لقد قرأنا في الآيات التي نبحثها قوله تعالى: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ و لكنّا نقرأ في سورة «الإسراء» قوله تعالى: وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً[2] و السؤال هنا
كيف نوفق بين الآيتين، إذ المعروف أنّ الدعاء دليل الأمل، في حين تتحدث الآية
الأخرى عن يأس أمثال هؤلاء؟
أجاب بعض المفسّرين على هذا السؤال بتقسيم الناس إلى مجموعتين، مجموعة تيأس
نهائيا عند ما تصاب بالشر و البلاء، و اخرى تصر على الدعاء برغم ما بها من فزع و
جزع [3].
البعض الآخر قال: إنّ اليأس يكون من تأمّل الخير أو دفع الشر عن طريق الأسباب
المادية العادية، و هذا لا ينافي أن يلجأ الإنسان إلى اللّه بالدعاء [4].
و يحتمل أن تكون الإجابة من خلال القول بأنّ المقصود من فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ
[1]- الكافي، المجلد الأول، ص 77- 78،
كتاب التوحيد باب حدوث العالم.
[4]- تفسير الميزان، مجلد 17، ص 428،
لكن هذا التفسير لا يناسب المقام كثيرا، خاصة و إن الآيات أعلاه هي بصدد ذم مثل
هؤلاء الأشخاص، في حين أن قطع الأمل من الأسباب الظاهرية و التوجه نحو الله ليس
عيبا و حسب، بل يستحق التنويه و المدح.