و هنا نزلت الآية الكريمة: وَ ما
كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ ...[1].
ثم يقول تعالى: وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ
الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ[2][3].
هل أن هذا الحديث هو من قبل اللّه تعالى، و أن كلام الأعضاء و الجوارح ينتهي
إلى قوله تعالى: أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ
كُلَّ شَيْءٍ، أم أنّ ما يليه استمرار له؟
المعنى الثّاني يبدو أكثر توافقا، و عبارات الآية تتلاءم معه أكثر، بالرغم من
أن أعضاء الجسم و جوارحه إنّما تتحدث هنا بأمر اللّه تعالى و بإرادته، و المعنى في
الحالتين واحد تقريبا.
بحثان
الأوّل: حسن الظن و سوء الظن باللّه تعالى
توضح الآيات بشكل قاطع خطورة سوء الظن باللّه تعالى، و مآل ذلك إلى الهلاك و
الخسران.
و بعكس ذلك فإنّ حسن الظن باللّه تعالى سبب للنجاة في الدنيا و الآخرة.
و
في حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام يقول: «ينبغي للمؤمن أن يخاف اللّه خوفا كأنّه يشرف على النّار، و يرجوه رجاء كأنّه
من أهل الجنّة، إنّ اللّه تعالى يقول:
وَ ذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ ... ثم قال: إنّ اللّه عند ظن عبده، إن خيرا فخير، و إن
شرا فشر» [4].
[1]- نقل هذه الحادثة (باختلاف)
الكثير من المفسّرين، منهم: القرطبي، الطبرسي، الفخر الرازي، الألوسي، المراغي، و
كذلك نقل الحادثة كلّ من البخاري و مسلم و الترمذي، و ما أوردناه أعلاه مأخوذ عن
القرطبي مع التصرّف. المجلد الثامن، صفحة 5795.
[2]- «ذلكم» مبتدأ و (ظنكم) خبر له.
لكن البعض احتمل أنّ (ظنكم) بدل و (أرداكم) خبر (ذلكم).
[3]- «أرداكم» من «ردى» على وزن «رأى»
و تعني الهلاك.