لكن القرائن تفيد أن ثمّة مجموعة قد آمنت بموسى عليه السّلام بعد مواجهة موسى
مع السحرة، و يظهر من السياق أنّ قصة مؤمن آل فرعون كانت بعد حادثة السحرة.
و البعض يحتمل أنّ الرجل كان من بني إسرائيل، لكنّه كان يعيش بين الفراعنة و
يعتمدون عليه، إلّا أنّ هذا الاحتمال ضعيف جدا، و لا يتلاءم مع عبارة «آل فرعون» و
أيضا نداء «يا قوم».
و لكن يبقى دوره مؤثرا في تأريخ موسى عليه السّلام و بني إسرائيل حتى مع عدم
وضوح كلّ خصوصيات حياته بالنسبة لنا.
ثانيا: التقية أداة مؤثّرة في الصراع
(التقية) أو (كتمان الإعتقاد) ليست من
الضعيف أو الخوف كما يظن البعض، بل غالبا ما توظّف كأسلوب مؤثّر في إدارة مع
الظالمين و الجبارين و الطغاة، إذ أن كشف أسرار العدو لا يمكن أن يتمّ إلّا عن
طريق الأشخاص الذين يعملون بأسلوب التقية.
و كذلك الضربات الموجعة و المباغتة للعدو، لا تتمّ إلّا عن طريق التقية و
كتمان الخطط و أساليب الصراع.
لقد كانت «تقية» مؤمن آل فرعون من أجل خدمة دين موسى عليه السّلام، و الدفاع
عنه في اللحظات الصعبة. ثمّ هل هناك أفضل من أن يحظى الإنسان بشخص مؤمن بقضيته و
دعوته يزرعه في جهاز عدوه بحيث يستطيع من موقعه أن ينفذ إلى أعماق تنظيمات العدو،
و يحصل على المعلومات و الأسرار ليفيد بها قضيته و دعوته، و يخبر بها أصحابه و قد
تقضي الضرورة النفوذ في ذهنية العدو أيضا و تغييرها لمصالح قضيته و دعوته ما
استطاع إلى ذلك سبيلا.