إنّ واحدة من المفاسد الكبيرة الأخرى للجدال السلبي المنهيّ عنه، هو تمسك
الطرفين بانحرافاتهم و أخطائهم و إصرارهم على اشتباهاتهم، في موقف عنيد بعيد عن
الحق و الصواب، ذلك لأنّ كلّ طرف يحاول ما استطاع التمسّك بأي دليل و التشبّث
بالباطل لفرض رأيه و إثبات كلامه، و هو في ذلك مستعد لإنّ يتجاهل الكلام الحق الذي
يصدر من خصمه، أو أنّه ينظر إليه بعدم الرضا و القبول.
و هذا بحدّ ذاته يزيد من الانحراف و الاشتباه و الخطأ.
د: أسلوب المجادلة بالتي هي أحسن:
لا يستهدف «الجدال الإيجابي» تحقير الطرف الآخر أو الإنتصار عليه، بل يهدف
النفوذ إلى عمق أفكاره و روحه، لهذا فإنّ أسلوب المجادلة بالتي هي أحسن يختلف كليا
عن الجدال السلبي أو الباطل.
و لكي يؤثر الطرف المجادل معنويان على الطرف الآخر، عليه الاستفادة من
الأساليب الآتية التي أشار إليها القرآن الكريم بشكل جميل:
1- ينبغي عدم الإصرار على الطرف المقابل بقبول الكلام على أنّه هو الحق، بل
على المجادل إذا استطاع أن يجعل الطرف المقابل يعتقد بأنّه هو الذي توصّل إلى هذه
النتيجة، و هذا الأسلوب سيكون أكثر تأثيرا. بعبارة اخرى: من المفيد للطرف المقابل
أن يعتقد بأنّ النتيجة أو الفكرة نابعة من أعماقه و هي جزاء من روحه، كي يتمسك بها
أكثر و يذعن لها بشكل كامل.
و قد يكون هذا الأمر هو سر ذكر القرآن للحقائق المهمّة كالتوحيد و نفي الشرك و
غير ذلك على شكل استفهام، أو أنّه بعد أن ينتهي من استعراض و ذكر