سورة المؤمن هي طليعة الحواميم، و الحواميم في القرآن الكريم سبع سور متتالية
يلي بعضها بعضا، نزلت جميعا في مكّة، و هي تبدأ ب «حم».
هذه السورة كسائر السور المكّية، تثير في محتواها قضايا العقيدة و، تتحدث عن
أصول الدين الإسلامي و مبانيه و في ذلك تلبي حاجة المسلمين في تلك المرحلة إلى
تشييد و إقامة قواعد الدين الجديد.
و محتوى هذه السورة يضم بين دفتيه الشدة و اللطف، و يجمع في نسيجه بين الإنذار
و البشارة ... السورة- إذا- مواجهة منطقية حادّة مع الطواغيت و المستكبرين، كما هي
نداء لطف و رحمة و محبة بالمؤمنين و أهل الحق.
و تمتاز هذه السورة أيضا بخصوصية تنفرد بها دون سور القرآن الأخرى، إذ تتحدّث
عن «مؤمن آل فرعون» و هو مقطع من قصة موسى عليه السّلام، و قصد مؤمن آل فرعون لم
ترد في كتاب اللّه سوى في سورة «المؤمن».
إنّ قصة «مؤمن آل فرعون» هي قصة ذلك الرجل المؤمن المخلص الذي كان يتحلى
بالذكاء و المعرفة في الوقت الذي هو من بطانة فرعون، و محسوب- ظاهرا- من حاشيته-
لقد كان هذا الرجل مؤمنا بما جاء به موسى عليه السّلام، و قد احتل و هو يعمل في
حاشية فرعون- موقعا حساسا مميزا في الدفاع عن موسى عليه السّلام و عن دينه، حتى
أنّه- في الوقت الذي تعرضت فيه حياة موسى عليه السّلام