لا يتطابق أيضا مع الآية مورد بحثنا، لأنّ الضمير في عبارة ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى مفرد مذكر يعود على الصور، في حين لو كان يراد منه المعنى الثّاني لكان يجب
استعمال ضمير المفرد المؤنث في العبارة لتصبح (نفخ فيها).
إنّ النفخ في الوجه في مجال إحياء الأموات يعد أمرا مناسبا (كما في معجزات
عيسى عليه السّلام) إلّا أنّ هذا التعبير لا يمكن استخدامه في مجال قبض الأرواح.
بحوث
1- هل أنّ النفخ في الصور يتمّ مرتين، أو أكثر؟
المشهور بين علماء المسلمين أنّه يتمّ مرّتين فقط، و ظاهر الآية يوضّح هذا
أيضا، كما أنّ مراجعة آيات القرآن الأخرى تبيّن أنّ هناك نفختين فقط، لكن البعض
قال: إنّها ثلاث نفخات، و البعض الآخرة قال: إنّه أربع.
و بهذا الشكل فالنفخة الأولى يقال لها نفخة (الفزع)، و هذه العبارة وردت في
الآية (87) من سورة النمل وَ يَوْمَ
يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ.
و النفختان الثانية و الثّالثة يعتبرونها للإماتة و الإحياء، و التي أشير
إليها في آيات بحثنا و في آيات قرآنية اخرى، أولاهما يطلقون عليها نفخة (الصعق)
(الصعق تعني فقدان الإنسان حالة الشعور، أي يغشى عليه، و تعني أيضا الموت) و
الثانية يطلق عليها نفخة (القيام).
أمّا الذين احتملوا أن النفخات أربع، فيبدو أنّهم استشفوا ذلك من الآية (53)
من سورة يس و التي تقول بعد نفخة الإحياء
إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ و هذه النفخة هي (لجمعهم و إحضارهم).