أداء رسالاتهم، فيجب على هذا أن يسيروا بحزم و ثبات، و يستوعبوا كلمات
المسيئين الجارحة غير المتزنة، و يستمرّوا في طريقهم دون أن يهتّموا باصطناع
الأجواء ضدّهم، و ضجيج العوام، و تآمر الفاسدين و المفسدين و تواطئهم، لأنّ كلّ
الحسابات بيد اللّه سبحانه، و لذلك تقول الآية في النهاية: وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً.
إنّه يحسب إيثار الأنبياء و تضحياتهم في هذا الطريق و يجزيهم عليها، كما يحفظ
كلمات الأعداء البذيئة و ثرثرتهم ليحاسبهم عليها و يجازيهم.
إنّ جملة: وَ كَفى بِاللَّهِ حَسِيباً دليل في الحقيقة على أنّ القادة الإلهيين يجب أن لا يخشوا
شيئا أو أحدا في إبلاغ الرسالات، لأنّ اللّه سبحانه هم المحصي لجهودهم، و هو
المثيب عليها.
ملاحظات
[1- المراد من «التبليغ»]
المراد من «التبليغ» هنا هو الإبلاغ و الإيصال، و عند ما يرتبط الأمر ب
«رسالات اللّه» فإنّه يعني أن يعلّم الأنبياء الناس ما علّمهم اللّه عن طريق
الوحي، و أن ينفذوه إلى القلوب عن طريق الاستدلال و الإنذار و التبشير و الموعظة و
النصيحة.
[2- المراد من «الخشية»]
«الخشية» تعني الخوف المقترن بالتعظيم
و الاحترام، و يختلف عن الخوف المجرّد من هذه الخاصية من هذه الجهة. و قد تستعمل
أحيانا بمعنى مطلق الخوف.
و قد ورد في مؤلّفات المحقّق «الطوسي» كلام في الفرق بين هذين اللفظين، و هو
في الحقيقة يشير إلى المعنى العرفاني لا اللغوي، فانّه يقول: إنّ الخشية و الخوف و
إن كانا في اللغة بمعنى واحد- أو يقربان من معنى واحد- إلّا أنّ بينهما فرقا لدى
أهل البصائر، و هو: إنّ «الخوف» يعني القلق و الاضطراب الداخلي من العواقب التي
ينتظرها الإنسان نتيجة ارتكابه المعاصي و الذنوب، أو تقصيره في