responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 450

سورة (ق) مكية، والسورة المكية غالباً ما تتحدَّث عن التوحيد والمعاد.

ربَّى‌ الرسول صلى الله عليه و آله المسلمين خلال تواجده في مكة تربية عقائدية مستحكمة بنحو كانت منشأً للحركات المستقبلية. والانسان إذا استحكمت عقيدته في مجالي التوحيد والمعاد تعبَّد له طريق العقيدة الكاملة واتضح له سبيل السعادة.

إشكال الكثير من الناس ينشأ عن ضعف عقيدتهم في المبدأ والمعاد، وأمثال هؤلاء لا يرون اللَّه حاضراً في كل مكان ولا ناظراً على كل شي‌ء، ممَّا يحرّضهم على اقتراف الذنوب وارتكاب الجرائم، وإذا اعتبروه حاضراً وناظراً فيبقى‌ ضعف اعتقادهم أو انعدامه في الحياة بعد الموت.

عندما امر ابن سعد بقتال الامام الحسين عليه السلام، استاء من ذلك الأمر كثيراً؛ لأنه أصبح بين خيارين، إمَّا قتال حفيد الرسول وابن بنته وإمَّا رفع اليد عن إمارة الري، ذلك البلد الخصب، فنشبت عنده الحرب بين عقله وأهوائه، وكانت الغلبة لأهوائه واختار إثر ذلك حرب الامام الحسين عليه السلام سعياً لبلوغ إمارة الري، وأنشد عندها:

يقولون إن اللَّه خالق جنةونار وتعذيب وغل يدين‌

فإن صدقوا فيما يقولون انني‌أتوب إلى الرحمن من سنتين‌

وإن كذبوا فزنا بدنيا عظيمةوملك عقيم دائم الحجلين‌ [1]

إذن، الاعتقاد بأصلي التوحيد والمعاد مفيد لا في الآخرة فحسب بل في الدنيا كذلك، وبهما نستغني عن المحاكم والسجون، وهذا هو سبب تأكيد الرسول صلى الله عليه و آله عليهما خلال تواجده في مكة، كما أن محور حديث غالب الآيات التي نزلت في مكة هو هذان الأصلان. أمَّا الآيات المدنية فقلَّ التأكيد فيها على هذين الأصلين، وغالبها كان يصبُّ في قضايا أخلاقية وفقهية وتاريخية وعسكرية، وقلَّما تعرَّضت للمبدأ والمعاد؛ وذلك لأن اسس عقائد المسلمين ثبتت في مكة واستحكمت هناك.


[1] منهاج الدموع: 291.

ياترى من يضمن لابن سعد الحياة بعد الحرب والتوفيق للتوبة، والتاريخ يشهد بأنه لم يتوفق للتوبة، كما لم ينل إمارة الري، وكانت عاقبته كما تنبأ الامام الحسين عليه السلام أن قتل بيد المختار ذليلًا. راجع مقتل الخوارزمي 1: 245.

اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 450
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست