كثير من الناس يخدع نفسه في مجال الغيبة ويسعى لتبرير سوء عمله بنحو وآخر،
مثلًا عندما نعترض على البعض ونأمره بعدم الغيبة يقول: (ذلك ليس غيبة، بل إنّي
أقول هذا أمامه) أو (هذه ليست غيبة بل إحدى صفاته)، مع أن هذا تبرير خاطئ؛ لأن
الغيبة لو لم تكن ذكراً لاحدى صفات المغتاب كانت تهمة أو بهتاناً عليه، وباعتبار
كونها صفة لم يطّلع عليها الآخرون كانت غيبة، وذكرها عند المغتاب لا أنه لا يحلُّ
المشكلة بل يضاعف من الذنب؛ لأنها تدخل عندئذٍ في باب إيذاء المؤمن، وهو من
الكبائر [1].
يتشبث البعض الآخر بعذر آخر من قبيل: (أنَّه أساء لي فأغتابه)، مع أن هذا لا
يسيغ الغيبة، فلو أن شخصاً أساء لعرض آخر فهل يمكن للأخير أن يسيء لعرض الاول؟
بالطبع لا؛ لأن الحاكم الشرعي هو الوحيد الذي يمكنه تعزير المذنب.
3- إضفاء صفة القداسة على الغيبة
البعض من الناس يغتاب الآخرين بظاهر شرعي مقدس، كما لو سأله آخرون عن فلان
فيجيبهم: (آسف على أن الشرع لم يسمح لي بالكلام عنه)، وحديثه هذا أسوء من الغيبة،
ولو ذكر عيبه بصراحة كان أفضل بكثير من ما يتركه من إبهام واحتمالات كثيرة في ذهن
المستمع لكلامه، وقد قال بعض العلماء في هذا الكلام: إن صاحبه يتحمَّل ذنبين:
الغيبة والرياء.
اللهم وفقنا جميعاً لترك هذه الذنوب الثلاثة وبالخصوص الغيبة.
[1] ورد في هذا المجال روايات كثيرة
دلت على ما ذكر، للمزيد راجع وسائل الشيعة الجزء 8، أبواب أحكام العشرة، الباب 145
و 146 و 147 و 148، ومجموع الروايات فيها تبلغ 24 رواية.