responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 418

هذا من جانب، ومن جانب فإنَّه في حيرة من حيث مؤونته الشخصية واليومية؛ لأن كلًا من الأرباب يلقي مسؤولية تأمين احتياجاته على الآخر. وبذلك تختل حياته ويظل في حيرة من أمره.

مثل المشركين كمثل هذا العبد؛ لأنهم جعلوا حياتهم رهن هذه الأصنام فأصبحوا جاهلين بأهدافهم، وفي حيرة من أمرهم ولا يعلمون بأيٍّ يتعلّقون، فتتعلق قلوبهم بشي‌ءٍ يوماً ما وفي يوم آخر تتعلق قلوبهم بشي‌ء آخر.

شأنهم شأن غير الموفقين والفاشلين الذين يبرمون عقدة الصداقة مع أحدٍ في يوم ويفتحونها في يوم آخر ليبرموها مع آخر، ويستمرون بنهجهم هذا. أو من قبيل اولئك الذين يميلون مع الريح اين ما مالت وينضمّون إلى راية في يوم ويلجؤون إلى اخرى‌ في يوم آخر، فاليوم تهوى‌ قلوبهم إلى الجاه والمقام، وغداً إلى الثروة وبعد غد إلى الشهرة، ولا ينتبهون إلى‌ ما هم عليه إلَّاوقد انتهت أيام عمرهم.

«رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ».

أمَّا مثل الموحد فمثل العبد الذي له أرباب واحد، أمره واضح، وهو غير متحيّر، ومطيع لسيده ومسلّم أمره إليه، ولا مشكلة له من حيث تأمين احتياجاته.

نعم، قلوب الموحّدين تعلّقت بمعبود واحد، فهو ملجأهم وناصرهم ومعينهم ومرادهم وملبيّ حاجاتهم، ولا يرجون أحداً غيره، ولا إبهام في وظائفهم وما ينبغي عليهم فعله، فلا يعيشون حيرة ابداً.

أيها الناس، كونوا في ظل معبود كهذا، ونالوا من نوره الرباني، وأنيروا طريقكم به، فإن العزّة له والقدرة لديه والذلة بيده، ولو أرادت الدنيا بأكملها شيئاً وهو أراد شيئاً آخر فلا تتحقق إلَّاإرادته.

كان فرعون قد قرَّر قتل موسى وهو في بطن امِّه، ووظّف لأجل ذلك جميع امكانياته، فبقر بطون الكثير من الحوامل، وقتل الكثير من الأطفال، وارتكب جرائم كثيرة، لكنه ما توفّق لتحقيق رغبته وإرادته؛ لأن اللَّه كان قد أراد شيئاً آخر، فتربَّى‌ موسى‌ عليه السلام في حضن فرعون نفسه، إذن علينا التعلق بربٍّ كهذا.

«الحَمْدُ للَّهِ».

اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست