الصفات السلبية للانبياء. فرعون- مثلًا- كان يعتبر نفسه ربَّاً ويقول: «أنا ربُّكُمُ الأعْلَى»[1] وينسب إلى موسى الجنون قائلًا: «إنَّ رَسُولَكُمُ الذِي ارْسِلَ إليْكُم لَمَجْنُونٌ»[2].
«أهَذَا الَّذِي
بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا»[3]، أي أنَّه لو كان رسولًا فلماذا يبدو كباقي البشر ويفعل
كما يفعلون، «مَالِ هَذَا الرَّسُولُ يأكُلُ الطَّعامَ
ويَمْشِي فِي الأسْوَاقِ»[4]، مع أن المفروض بالرسول أن يكون من الملائكة.
بطلان هذا الكلام واضح، فالمفروض بالرسول أن يكون من البشر لا الملائكة [5]، لكي يفهمهم
ويفهم آلآمهم ومشاكلهم ويشعر بها فيعالجها بالعلاج المناسب. ولو كان من الملائكة
لما أدرك مشاكلهم ولما احس بها، مضافاً إلى أنَّه لا أحد من البشر يصغي لكلام
الملائكة؛ لأنَّ الناس سيقولون: ما تقوله الملائكة خاص بأمثالها ويناسب ما
يجانسها؛ باعتبارها معصومة ولا شهوة لها، ولا يمكن لنا العمل بما تقول به
الملائكة، فإننا غير معصومين و ... أما لو كان الرسول من جنس البشر فان هذه
الذرائع جميعها ترتفع ولا مجال للتشبّث بها.
«إنْ كَادَ
ليُضِلُّنا عَنْ آلهتنا لَولا أنْ صَبَرْنا عَلَيْهَا»[6]، وهذا الكلام أطلقه المشركون بعد ما مضى منهم
من استهزاء، ويريدون بذلك أنهم قاوموا الرسول وصمدوا على عبادة الأوثان، ولولا ذلك
لانجرفوا مع الرسول، كما يزعمون.
كلمات المشركين متناقضة هنا، فهم ينسبون له الجنون من جانب، ومن جانب آخر