responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 327

«وَكَانَ الإنسانُ أكْثَرُ شَي‌ءٍ جَدَلًا».

ماذا يعني الجدل؟

الجدل يعني فتل الحبل فتلًا جيداً، كما يطلق على المتصارعين، باعتبار اشتداد وانفتال أحدهما بالآخر، كما يُطلق على نقاش شخصين في القضايا الفكرية والمنطقية، حيث تُفتل أفكار كلٍّ منهما بالآخر وتلتحم.

النتيجة: كون الجدل في البداية اطلق على فتل الحبل وشدّه ثم توسّع هذا المفهوم ليشمل كل انفتال مادي حتى لو كان من قبيل تصارع شخصين، ثم اطلق على مفهوم أوسع ليشمل انفتال الأفكار بالنحو المشار إليه في الأسطر المتقدّمة.

استخدم القرآن ولغرض هداية الانسان أمثالًا متعدّدة ومتنوّعة، لكن الانسان رغم ذلك يجادل في الحق ويقف أمامه أكثر من أي موجود شاعر آخر. الانسان موجود مجادل، هذا هو سبب عدم تسليمه للحق وهو سبب جحود البعض في صدر الاسلام وعدم إيمانهم رغم سماعهم آيات القرآن من الرسول صلى الله عليه و آله ورؤيتهم إيّاه كل يوم، وظلوا هكذا حتى الموت. وقبال هؤلاء اناس آمنوا بمجرّد سماعهم آية من آيات القرآن دون أن يروا الرسول صلى الله عليه و آله.

سبب ذلك واضح، فالذين لم يؤمنوا كانوا اناساً مجادلين يقلبون الحقائق بالجدل، أمَّا اولئك الذين آمنوا بالرسول لمجرّد جرعة واحدة من جرعات الهداية دون أن يروا الرسول فقد كانوا يبحثون عن الحقيقة والهدى‌، وهذا هو الشرط الأساس للهداية.

أشار اللَّه إلى هذا الموضوع المهم في بداية سورة البقرة وعبر جملة قصيرة حيث قال: «ذلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدَىً للمُتَّقِينَ»؛ وذلك لأن المراد من التقوى في هذه الآية ليس المعنى‌ المألوف والمصطلح بل المتقين هنا هم اولئك الذين خلت قلوبهم من العناد واللجاجة والجدل، فالقرآن بالنسبة إلى هؤلاء سبب للهداية، أمَّا أصحاب اللجاجة والعناد فما يزيدهم القرآن إلَّا ضلالًا فضلًا عن أن يكون سبباً لهدايتهم.

أمثال أبي لهب وأبي جهل لم ينهلوا من القرآن شيئاً، وذلك لأنهم كانوا يفقدون أرضية النهل من بركات ونعم هذا الينبوع، فإنَّ قابلية القابل شرط مضافاً إلى فاعلية الفاعل، فكما أنَ‌

اسم الکتاب : امثال القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست