responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 67

يدخل في الرذائل، و ما يُقرّه الرأي العام للمجتمع، يكون هو الدّافع للفضائل و الرّادع عن الرّذائل. ونحن لا ننكر أنّ الوجدان العمومي للمجتمع، يمكن أن يشخّص القِيَم من اللّاقيم، و يحثّ الأفراد للإهتمام بالمسائل الأخلاقيّة في خطّ التّربية و التّكامل.

ولكن ما ذكر من نواقص و إشكالات، حول الوجدان الفردي، هو نفسه يصدق على‌ وجدان المجتمع.

فيمكن للمجتمع أن يُخطأ، وإذا ما وقع هذا الأساس للأخلاق، تحت طائلة الدعاية والإعلام القوي من قبل الحكومات، فبالإمكان أن ينقلب رأساً على عقب، و تكون الفضائل رذائل في منظومة القيم والمثل الأخلاقية، كما حدّثنا التّأريخ عن نماذج كثيرة من هذا القبيل، ففي عصر الجاهليّة مثلًا كان يُعتبر وَأْد البنات من المكرمات، عند شريحةٍ كبيرةٍ من المجتمع آنذاك، و يُعتبر فضيلةً أخلاقيةً، (وذلك للمفهوم السّائد في ذلك الوقت وقت، من أنّه الطّريق للنّجاة من العار و الشّنار، و الحيلولة دون وقوع النّساء في الأسر في الحروب)

الموتُ أخفى‌ سِترةً للبناتِ‌

ودفنها يُردى‌ من المكرماتِ‌

ألم تر أنّ اللَّه عزّ اسمه‌

قد وضع النعشَ بجنب البنات‌

[1].

ونرى‌ في عصرنا الحاضر، و في المجتمعات البشريّة المتقدّمة و المتطوّرة، أنّ المتموّلين ولأجل الوصول لأهدافهم غير المشروعة، وبالدعاية يخدعون الوجدان العمومي للمجتمع، ويقلبون القيم الأخلاقيّة الإيجابية، إلى مُضادّاتها في دائرة السّلوك الأخلاقي.

بالإضافة إلى‌ أنّ الوجدان والضّمير في الإنسان، هو من بَوارِق الرّحمة الإلهيّة، و نموذج لمحكمة العدل الإلهي العظيمة، عند الإنسان في هذا العالم، ولكن ومع ذلك، فالضّمير ليس بمعصوم عن الخطأ، ويمكن أن ينحرف، وإذا لم يتّخذ الإنسان تدابير لازمة لإصلاحه وتزكيته، فلعلّه يبقى‌ على‌ خطئه لسنين طويلة.


[1]. يقول الشّاعر الجاهلي:

الموتُ أخفى‌ سِترةً للبناتِ‌

ودفنها يُردى‌ من المكرماتِ‌

ألم تر أنّ اللَّه عزّ اسمه‌

قد وضع النعشَ بجنب البنات‌

وكما تلاحظون أنّ هذا الشاعر الجاهلي، يعتبر تلك الجناية الكبرى‌ مكرمْة و إفتخاراً.

اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست