responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 48

الأخلاق والأوامر والنواهي الأخلاقية للعقل العملي، وينكرون أية علاقة بينهما، إنطلاقاً من أنّ معرفة العالم و الكائنات الطبيعيّة تعتمد على الدلائل المنطقيّة و التجربيّة، والحال أنّ «الأوامر» و «النّواهي» الأخلاقية، هي سلسلة من القضايا تحكم السّلوك، فهؤلاء أغفلوا نقطةً مهمةً، ألا وهي أنّ الأوامر الأخلاقيّة تصبح حكيمةً، إذا ما كوّنت لها علاقةً بالعالم الخارجي، و إلّافستكون اموراً اعتباريةً فارغةً و غير مقبولةٍ، ويوجد هنا أمثلةٌ واضحةٌ تبيّن المطلب بصورةٍ جيّدةٍ:

عندما يُصدر الإسلام حكماً ب: «حرمة شرب الخمر»، أو في القوانين الدوليّة: حول «خطر المخدرات»، فهذه أوامر إلهيّة أو بشريّة إستمدت اصولها من سلسلة الكائنات الواقعيّة، لأنّ الحقيقة المحضة؛ أنّ الشّراب و المخدّرات لها أثر تخريبي خطر على روح وجسم الإنسان، فلا يسلم من تأثير هذه المواد الضّارة و المدمّرة أيّ إنسان، وهذه الحقيقة هي سبب لذلك (الأمر)، و (النّهي).

وعندما نقول أنّ الأحكام الإلهيّة ناشئة من المصالح و المفاسد؛ فإنّنا بالضّبط نستوحي ذلك من خلال القاعدة التي تقول: «كلّما حكم به العقل حكم به الشّرع»، وهي أيضاً تُقرر وجود علاقة وثيقة بين الواقع والأحكام: (الأوامر و النّواهي).

فما يُشرّع من قوانين في المجالس التّشريعيّة البشريّة، و دراسة عواقبها الفرديّة و الإجتماعيّة و وضع القوانين على أساسها، يصب في نفس ذلك المصب بالضّبط.

وخلاصة القول: أنّه من الُمحال على الحكيم أن يصدر حكماً بعيداً عن الواقعيات في حياة البشر، وإلّا فلن يكون قانوناً بل هو لَغو في لَغو، ولأنّ الواقع هو واحد لا أكثر، فمن الطّبيعي أن يكون الطريق الصّحيح و المستقيم والقانون الأمثل واحد لا غير، ممّا يدعونا للسّعي‌الحثيث لإصابة الحق والواقع والأحكام والقوانين التي نشأت عنها.

إن ما ذُكر آنفاً يبيّن علاقة النّظريات الكليّة، في مجموعة الوجود وخلق الإنسان بالمسائل الأخلاقيّة، ومن هنا فإنّ نشوء المذاهب الأخلاقيّة و تنوعها، يكمن في هذا السبب بالذات.

و بالنّظر إلى ما ذُكر أعلاه، نستعرض الآن المذاهب الأخلاقية:

اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست