responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 329

منك هذا العمل لِلمرّة الثّالثة، فسوف تَنقطع العلاقة بيني و بينك، و ننفصل في هذا السّفر، فعلم موسى عليه السلام، أنّ في قَتل الغلام سِرّاً مُهمّاً، فآثر السّكوت، ليتّضح له السرّ فيما بعد.

و تَلَتها الحادثة الثّالثة، و قد وردوا في قَريةٍ، فلم يُضيفوهما ولم يعبؤوا بِهما، فَوجد الخِضر عليه السلام جداراً يُريد أن يَنقضّ، فَأقامَه عليه السلام، و طلب العَون من موسى‌ عليه السلام في هذا الأمر، فَرمَّم الجِدار، فضاق موسى ذَرعاً بالأمر، فَصاح: «لَو شِئتَ لَتَّخَذْتَ عَلِيهِ أَجراً».

فأين يكون موضع التّعامل مع هؤلاء من موقع الرّحمة، مع كلّ تلك القساوة التي واجهوها من أهل تلك القرية؟.

و هنا أعلن الخِضر عليه السلام إنفصاله عن موسى‌ عليه السلام، لأنّه نقض العَهد ثلاثَ مرّاتٍ، ولكنّه و قبل الفِراق، أعلمه بالأسرار لتلك الحوادث الثّلاثة، فقال له: إنّ السّفينة كانت لِمساكين، و كان عندهم ملكٌ يأخذ كلّ سفينةٍ سَليمةٍ غَصباً، فَأعَبْتُها كَيْ لا يأخذها منهم، و الشّاب المقتول، كان يستحق الإعدام، لأنّه كافرٌ و مرّتدٌ، و كان الخوف على أبويه من موقع التّأثير عليهما، ولئّلا يحملهما على الكفر.

و الجِدار كان ليتيمين في المدينة، و كان تَحته كنزٌ لَهُما، وكان أبوهما صالحاً، فأراد ربّك أن يستخرجا كنزهما فيما بَعد، ليعيشا بذلك المال، ثم أكدّ عليه أن كلّ ذلك كان بأمر اللَّه تعالى، وليس تصرّفاً من وَحي أفكاري‌ [1].

رجع بعدها موسى عليه السلام، محّملًا بمعارفٍ و علومٍ في غاية الأهميّة.

و نحن بدورنا نستلهم من تلك القصّة، عدّة دروسٍ، منها:

1- العثور على معلّمٍ مطّلع حكيمٍ للتعلّم عنده، و الإستنارة من نور علمه، أمرٌ من الأهميّة بمكان، بحيث امِرَ رسول من رُسل اولى العزم بذلك، وقد قطع المسافات الطويلة كي يَدرس عنده، و يقتبس من فَيض علمه.

2- عَدم تعجّل الامور، و إنتظار الفرصة المُناسبة، أو كما يُقال: «إنّ الامور مرَهونةٌ بِأَوقاتها».


[1]. مضمون الآيات: (6- 80)، من سورة الكهف، (مع التلخيص).

اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 329
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست