responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 279

الأسباب ما غَرّتهُ و إستهوته، لا يسعه أن ينكر أنّه لا يملك وجود نفسه، و لا يستقلّ بِتدبير أمره، ولو ملك نفسه،- لوقاها ممّا يكرهه من الموت، و سائر آلام الحياة مَصائبها، و لإستقلّ بتدبير أمره، لم يفتقر إلى الخضوع، قبال الأسباب الكونيّة.

فالحاجة إلى ربٍّ:- مَلِكٍ مُدَبّرٍ-؛ حقيقة الإنسان، والفقر مكتوبٌ على نفسه، و الضعف مطبوعٌ على ناصيته، لا يخفى ذلك على إنسانٍ له أدنى الشّعور الإنساني، والعالم و الجاهل، و الصّغير و الكبير، و الشّريف و الوضيع، في ذلك سواء.

فالإنسان في أيّ منزلٍ من منازلِ الإنسانية نزل، يشاهد من نفسه أنّ له رباً يملكه و يدبّر أمره، وكيف لا يشاهد ربّه، و هو يشهد حاجته الذاتيّة؟

ولذا قيل: إنّ الآية تشير إلى ما يشاهده الإنسان في حياته الدنيا. أنّه محتاج في جميع جهات حياته، من وُجوده وما يتعلق به وجوده من اللّوازم و الأحكام، و معنى الآية أنّا خلقنا بني آدم في الأرض، و فرّقناهم، و ميّزنا بعضهم من بعضٍ بالتّناسل و التّوالد، وأوقفناهم على إحتياجهم ومربوبيتهم لنا، فإعترفوا بذلك قائلين، بلى شَهِدنا أنّك ربّنا» [1].

و بناءاً على ذلك، يثبت لنا أنّ التّعرف على حقيقة الإنسانيّة، بخصوصياتها و صفاتها، هي السّبب و الأساس لمعرفة الباري تعالى شأنه.

و الحديث المعروف، الذي يقول: «مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ عِرَفَ رَبَّهُ»، ناظر إلى هذه المسألة بالذات.

و قد نقل هذا الحديث مرّةً عن الرّسول الأكرم صلى الله عليه و آله، و مرّةً اخرى عن أمير المؤمنين عليه السلام، و مرّةً نُقل عن صُحف إدريس عليه السلام.

فجاء في بحار الأنوار نقلًا عن صحف إدريس عليه السلام، في الصّحيفة الرّابعة، و التي هي صحيفة المعرفة: «مَنْ عَرَفَ الخِلْقَ عَرَفَ الخالِقَ، وَ مَنْ عَرَفَ الرِّزْقَ عَرَفَ الرَّازِقَ، وَمَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ عَرَفَ رَبَّهُ» [2].


[1]. تفسير الميزان، ج 8، ص 307، ذيل الآية المبحوثة، (مع التلخيص).

[2]. بحار الأنوار، ج 92، ص 456؛ ج 58، ص 99؛ ج 66، ص 293، و نقل عن المعصوم عليه السلام، و في ج 2، ص 32 عن الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله.

اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 279
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست