responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 261

كَيفَ ذَلِكَ يا بنَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه و آله؟ قَالَ: لِأَنّ اللَّهَ عَزَّوَجَلَّ ما بَعَثَ الأَنْبِياءَ وَالأَوصياءَ بِالسُّكُوتِ، إِنَّما بَعَثَهُم بِالكِلامِ، وَلا اسْتَحَقَّتِ الجَنَّةُ بِالسُّكُوتِ وَلا اسْتَوجَبَتْ وِلايَةً بِالسُّكُوتِ وِلا تِوَقِّيتِ النّارُ بِالسُّكُوتِ إِنَّما ذَلِكَ كُلُّهُ بِالكَلامِ، وَما كُنْتُ لِأعدِلَ القَمَرَ بِالشَّمْسِ إِنَّكَ تَصِفُ فَضْلَ السُّكُوتِ بِالكَلامِ وَلَسْتَ تَصِفُ فَضْلَ الكَلامِ بِالسُّكُوتِ» [1].

أجل لا شك أنّ لكلٍّ من الصّمت و الكلام، محاسنه و مَساويه، و الحقّ أنّ إيجابيات الكلام أكثر، ولكن متى؟، فقط: عندما يصل الإنسان، إلى مراحل سامية من التّهذيب للنفس، في معراج الكمال المعنوي، وأمّا من كان في بداية الطّريق، فعليه التّحلي بالسّكوت رَيْثَما تتعمق في نفسه تلك الملكات الرّوحانية، التي يكتسبها الإنسان في حركة الانفتاح على اللَّه، أو كما يُقال، ريثما يملك السّالك لسانه عن ممارسة اللّغو و الكلام الباطل، و بعدها يجلس لِلوَعظ والإرشاد.

و بالإمكان بيان معيارٍ جيّدٍ لهذه الحالة، فنحن إذا أردنا في يومٍ من الأيّام، تسجيل ما يصدر منّا من كلماتٍ و ألفاظٍ على آلة التسجيل، ثم أصغينا لهذه الأحاديث و الكلمات، منِ موقع الإنصاف و بعيداً عن التّعصب، فَسَنرى الشّريط ملى‌ءٌ بالتّفاهات و التّرّهات، ولن يبقى من الكلام المفيد إلّاكلماتً أو جملًا قليلةً، تتعلق بالغايات الإلهيّة و الحاجات الضرورية، في حركة الحياة والواقع العملي.

و يبقى أمرٌ أخير، تجدر الإشارة إليه، أَلا و هو، أنّ «الصّمت» و «السّكوت» وَردا بمعنى واحد في معاجم اللّغة، ولكن بعض علماء الأخلاق ذهب إلى وجود فرق بينهما، فان السّكوت هو التّرك المُطلق للكلام، و الصّمت هو التّرك المقصود للكلام الزائد واللّغو، أي: «تركُك ما لا يُعينك»، و هدف السّالك الحقيقي في إطار تهذيب النّفس، و السّلوك المعنوي ينسجم مع:

[الصّمت‌] لا [السّكوت‌].

إصلاح اللّسان:

ما تقدم آنفاً من أهمية السّكوت أو الصّمت، و دوره في تهذيب النّفوس، و الأخلاق في‌


[1]. بحار الانوار، ج 68، ص 274.

اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 261
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست