responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 214

الخطوة التالية التي ذكرها علماء الأخلاق، في خطّ الإلتزام الدّيني بعد التّوبة: «المشارطة»:

والقصد منها هو الإشتراط على النّفس وتذكيرها وتنبيهها، وأفضل الأوقات لها هو بعد صلاة الفَجر، و التنوّر بأنوار هذه العبادة الإلهيّة، الكبيرة العظيمة عند اللَّه تعالى، فيذكّر نفسه و يوصيها بأن تَتحرك في طريق الخَير و الصّلاح، فإذا ما إنقضى العُمر فلن يفيد النّدم، و لا يمكن الإستدراك، وليجعل نصب عينيه هذه الآية الشّريفة: «وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ» [1]، فإذا ما ضاع العُمر، فلن ينفع شي‌ءٌ بعده: «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ» [2].

وعليه أنّ يُحدِّث نَفسه، و يقول لها: تصوّري أنّ العُمر قد إنقضى، و زالت الحُجب و تجلّت الحقائق المُرّة، و برزت مَعالم العَذاب، و هَولِ المطّلع، و مُنكَر وَ نكير، فحينئذٍ تشعرين بِحالة النَّدم على ما عَمِلْتِ، و تقولين: «رَبِّ ارْجِعُوني* لَعَلّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيَما تَرَكْتُ» [3].

و على فرض إنّك لم تسمعي جواب: «كلّا»، و أعادوكِ الى‌ الدنيا فهل ستتعظين و تُكَفّرين عمّا قصرتِ في جَنب اللَّه؟؟

ثمّ يوصي نفسه بجوارحه السّبعة: العَين و الاذن و اللّسان و اليّد و الرّجل و البطن و الفَرج، فهذه الجوارح مُنصاعَةٌ لكِ اليوم و في خدمتك، فلا تقحميها في المعاصي، فإنّ لجهنَّم سبعة أبوابٍ، لكلِّ باب جماعةٌ خاصةٌ من النّاس، يدخلون جهنّم منها، فعليك بالسيّطرة الدّقيقة على الجوارح لئَّلا تنحرف عن الطّريق القويم، و الهدف المرسوم لها، و بذلك توصَد أبواب جهنم دونها، و تفتح أبواب الجنان لها؟.

و يُوصي النّفس بالمُراقبة لِجوارحه، للإستعانة بها في طريق الطّاعة لا المعصية، فهي نِعَمٌ كبيرةٌ مُحاسب عليها الإنسان غداً.

و نَجد في أدعية الإمام السجاد عليه السلام، تأكيداً لمسألة المُشارطَة في حركة الإنسان المنفتح على اللَّه.


[1]. سورة العصر، الآية 1 و 2.

[2]. سوره العصر، الآية 3 و 4.

[3]. سورة المؤمنون، الآية 100.

اسم الکتاب : الاخلاق فى القرآن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست