responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اجوبة المسائل الشرعيّة المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 44

وبالتالي شنهم لحربهم الدعائية ضد هذا المذهب، ولعل لفظ «البداء» من بين هذه الكلمات التي سعوا لتشويهها.

على كل حال للوقوف على حقيقة معنى كلمة «البداء» على ضوء عقائد الشيعة، نلفت الانتباه إلى‌ معنى هذا المفهوم بشكل مختصر. [1] تعني كلمة البداء في العربية: الظهور. قال تعالى في كتابه العزيز بشأن الظلمة «وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون» [2]. ويقال أيضاً: بدا من فلان كلام فصيح، وتستبدل (من) أحياناً بحرف (اللام) فيقال: بدا لفلان كلام صحيح. ومعنى العبارة الثانية نفس معنى العبارة الأولى. فإنّ عرفنا معنى‌ العبارة الآن «بدا لفلان» نعود إلى‌ أصل الموضوع: ما أكثر ما تتوفر لدينا مقدمات عمل معين، ولكن ربّما تطرأ بعض الأحداث المفاجئة وتتغير الظروف بحيث لا يتمّ ذلك العمل، فيقال هنا إنّ اللَّه لم يُرِدْ حصول هذا العمل، كما يمكن استبدال كلمة «بدا» هنا فيقال: (بدا للَّه أنّه لا يريد هذا). وعليه ليس المراد (اتضح للَّه) لتستلزم الجهل بالتقدير الثاني، بل المراد (اتضح لنا من اللَّه). ومن البديهي أن يخلو هذا الموضوع من القدح؛ وهو الموضوع الذي يقع مراراً طيلة حياة كل إنسان بحيث يشهد وقوع بعض الأمور غير المتوقعة، وهذه هي حقيقة «البداء». والآن نرى كيف امتزج هذا الموضوع بعقائد الشيعة وأصبح جزءاً منها؟

إننا نعتقد (وتشهد على ذلك الآيات القرآنية والأخبار والروايات) بأنّ البلاء قد يستكمل كل مقوماته وقدراته، ولعل هاجس وقوعه يكون قائما، غير أنّ الناس يلتجئون إلى‌ اللَّه ويتضرعون إليه ويقلعون عن أفعالهم السيئة وتسود بينهم حالة من التعاون والتعاضد ويقومون بالأفعال الحسنة، فيرفع اللَّه عنهم البلاء ببركة أفعالهم وهذا بحدّ ذاته أحد مصاديق البداء. وأحياناً بالعكس حيث تكتمل مقدمات نعمة وخير، فيأتي الناس ببعض الأعمال التي تحول دون ذلك وهذا هو البداء.


[1] هذا الشرح عصارة آراء المحققين وعلماء العقائد الشيعية خاصة ما أورده العلّامة الجليل والمتكلم والفقيه‌المعروف الشيخ المفيد في كتابه (أوائل المقالات) وشرح رسالة (اعتقادات الصدوق) والتي تتضمن بيان عقائد الشيعة بهذا الخصوص وتزيل عنها الابهام والغموض.

[2] سورة الزمر، الآية 48.

اسم الکتاب : اجوبة المسائل الشرعيّة المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست